[فصل:] في الكلام على أهل الكبائر من هذه الأمة
  الصلة في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} متعلق فيها الفعل بالظرف الذي يليه، لا أن فعلاً آخراً مقدراً يتعلق معه، فذلك من تأويل الجاهلين وانتحال المبطلين وتحريف الغالين.
  الآية العشرون: قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه ٨}[الزلزلة].
  قالوا: والفاسق قد عمل الخير والشر، فلابد أن يصل إليه ما في مقابلهما معاً من الثواب والعقاب، ولابد أن يكون وصولهما على وفق رحمته وكرمه تعالى، فيصل إليه العقاب أولاً ثم يخرج منه، ويصله الثواب ويخلد فيه.
  قلنا: ظاهر الآية متروك، وإلا لزم أن يصل إلى الكافر ثواب طاعاته من بر الوالدين وصلة الرحم وصدق اللهجة وأداء الأمانة ونحو ذلك، فلابد من تأويله بأن المعنى: من يعمل مثقال ذرة خيراً وهو من فريق السعداء، ومن يعمل مثقال ذرة شراً وهو من فريق الأشقياء؛ لأنه جاء بعد قوله: {يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا}[الزلزلة ٦]، ذكر هذا التأويل في الكشاف.
  قلت: ويؤيده قوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ}[المائدة ٢٧]، وقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا}[الكهف ٤٩].
  الآية الحادية والعشرون: قوله تعالى: {إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً}[الكهف ٣٠].
  الآية الثانية والعشرون: قوله تعالى: {أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ}[آل عمران ١٩٥]، قالوا: والفاسق قد عمل عملاً حسناً وهو الإيمان وما يفعله من سائر الطاعات كالصوم ونحوه، فلابد أن يصل إليه ثوابه وإلا كان قد أُضيع عمله.