[فصل:] في الكلام على أهل الكبائر من هذه الأمة
  يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا}[النساء: ١١٠]، ونحو ذلك من الآيات الكريمة، وقوله ÷: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له»، وقوله ÷: «ويل للمصرين» مرتين أو ثلاثاً، وغير ذلك من الأحاديث المتفق عليها، فإذا حصر سبحانه التوبة وقصرها والمراد لازمها وهو الغفران والعفو عن المعصية على من تاب منها قبل موته، ونفاها عمن مات مصراً على سيئاته، فكيف يجوز أن يقال: هو يعفو ويغفر للمصرين دون توبة؟ ذلك مناقضة لكتاب الله العزيز، ومخالفة لمدلول آيات الله وسنة رسول الله ÷ عند من له أدنى تمييز.
  لا يقال: ذلك دلالة عموم وهي ظنية، فلا قطع بدخول عصاة المسلمين فيها، بل الدلالة فيها ظنية أو أن المراد بها الكفار، فلا يدخل عصاة المسلمين فيها.
  لأنا نقول: إنا قد بينا فيما سبق أن دلالات العموم فيما يتعلق بالأصول الدينية وأصول الشرائع ونحوها قطعية، ولأن قوله تعالى: {وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} يدل على المغايرة، فيكون المراد بما قبله من مات مصراً على عصيانه من هذه الأمة، ثم توعد الجميع بقوله: {أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}.
  ومنها: أحاديث علق فيها الشفاعة أو الغفران أو الثواب أو الأجر أو العفو أو دخول الجنة على من فعل ما ذكر فيها من أنواع الطاعات والقرب المقربات، وهذا شيء كثير وجم غفير، فتمسكوا به من حيث الإطلاق والتعميم للمؤمن والفاسق، نحو قوله ÷: «من فطر صائماً كان له مثل أجره»، «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه»، «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» أو كما قال، «من قرأ قل هو الله أحد كان له من الأجر كذا وكذا»، «من قال لا إله إلا الله دخل الجنة» ونحو ذلك من الأحاديث الواردة فيها المكافآت على فعل الطاعات، أو ترك المقبحات نحو: «من ترك الظلم وهو يقدر عليه كان له من الأجر كذا وكذا»، «من دعته امرأة