الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[الرد على ما يتمسك به القائلون بخروج أهل الكبائر المصرين من النار]

صفحة 430 - الجزء 2

  لأنا نقول: للشفاعة مزيد فوائد على مجرد قبول التوبة الواجب عقلاً، منها التنويه بشأن التائب والإعلان بالرضا عنه وقبول توبته على رؤوس الخلائق؛ إذ لو وقع القبول بمجرد إسقاط عقاب المعصية فقط من دون ذلك التنويه والإعلان برضا الله ورسوله لما كان في قبولها من الفرح والسرور وإغاظة أعداء التائب من الكفار والفساق كما كان بالشفاعة.

  ومنها: أن يشفع في قبول التوبة.

  ومنها: أن يشفع في قبول التوبة. وهذا وإن كانت شفاعة في واجب فإنها لا تمتنع الشفاعة في مثل ذلك، كشفاعة الوزير إلى السلطان في إخراج عطايا أهل الاستحقاق الواجبة، وأيضاً قبول التوبة لا يجب عند الخصم، فتكون شفاعة النبي ÷ في قبولها، فلا وجه للاعتراض بما هو صحيح على أصل مذهبه، فإن أراد إلزامنا فقد بينا سقوط الاعتراض بعدم امتناعها فيما هو واجب كما مُثِّل.

  ومنها: أن يشفع ÷ للتائب في إرجاع ثواب ما أحبطته الكبيرة من الطاعات قبل فعلها كما يقوله أبو الهذيل. ولا مانع منه؛ لأن التوبة إنما تقتضي إسقاط العقاب لا إرجاع ما أحبطته المعصية من الثواب.

  ومنها: أن يشفع ÷ للتائب في زيادة ثواب التوبة أو ثواب سائر طاعاته. وكل ذلك فضل، ولا راد لفضله، والله ذو الفضل العظيم.

  الحديث الثاني: ما نقله عن الإمام يحيى بن حمزة # من شرح الأربعين السيلقية⁣(⁣١) أن النبي ÷ قال: «ما أزال أشفع حتى أعطى صكاكاً صكاكاً لرجال قد بعث بهم إلى النار، حتى إن مالكاً خازن النار ليقول: يا محمد، ما تركت للنار ولغضب ربك بقية». وقال: بل كيف يتأول هذا الحديث؟


(١) هو كتاب الأنوار المضيئة في شرح الأربعين السيلقية.