الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في الكلام على أهل الكبائر من هذه الأمة

صفحة 436 - الجزء 2

  والأقوال الفرية مثل ما في الذي قبله، بل فيه ما هو أقبح، فمن أراد الاطلاع عليه فليطالعه من أصله، فما ورد على الذي قبله فهو وارد عليه، ويزداد هذا بأنه معارض لقوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}⁣[آل عمران ١٤٢]، وقال تعالى: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}⁣[فصلت ٣٥]، {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}⁣[الزخرف ٧٢]، هذا بالنظر إلى ما ذكر في آخره: فيخرج قوماً لم يعملوا خيراً قط، ثم أخبر بدخولهم الجنة وقد صاروا كاللؤلؤ. وأيضاً ففي أوله ما يقتضي تهافت الكلام، وهو قوله ÷ يخاطب الصحابة: «فوالذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشد مناشدة لله تعالى في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم من أهل النار»؛ لأن الصحابة أفضل المؤمنين، فمن هؤلاء المؤمنون الذين لم يبلغ الصحابة مرتبتهم في مناشدة الله تعالى في استقصاء الحق؟ وأي حيف وميل من الله تعالى عن الحق حتى يحتاج إلى أن يناشده في استقصاء الحق هؤلاء المؤمنون؟! وأما إخراج من في قلبه دينار أو نصف دينار أو مثقال ذرة من خير فلعل ما وازن ذلك يكون بعد استواء الحسنات والسيئات، ومن تساوت حسناته وسيئاته لم يكن من أهل الكبائر، فكيف بمن زاد له من الخير مثقال ما ذكر، فلا يسلم دخول ما هذا حاله النار، ويدل عليه ما ذكر من قوله: كانوا يصومون معنا ويحجون ويصلون، ولم يذكر جواباً حاكياً عنهم كبائر كانوا يفعلونها استحقوا بارتكابها دخول النار؛ إذ ذكر مثل ذلك واجب في مقام الحجاج، سيما وفيه تنزيه الله تعالى عن أن يكون أدخلهم النار بلا ذنب أسلفوه ولا قبيح اقترفوه، وظاهر هذا الحديث أن الله تعالى أدخلهم النار اعتباطاً، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

  الحديث السادس: ما أخرجه مسلم في أحاديث الشفاعة عن أبي سعيد