[فصل:] في الكلام على أهل الكبائر من هذه الأمة
  الخدري قال: قال رسول الله ÷: «أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم - أو قال: بخطاياهم - فأماتهم إماتة حتى إذا كانوا فحماً أذن في الشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر» قال النووي شارح كتاب مسلم: هو بفتح الضاد المعجمة، وهو جمع ضبارة بفتح الضاد وكسرها، لغتان أشهرهما الكسر، قال أهل اللغة: الضبائر: جماعات في تفرقة فَبُثُّوا على أنهار الجنة، ثم قيل: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم، فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل.
  قلنا: هذا الحديث وإن لم يكن فيه من فحش الكلام ما يقدح فيه كما في اللذين قبله، لكنه معارض لقوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا}[طه ٧٤]، وهذا الحديث أفاد الإماتة فيها، ثم في آخره أنهم ينبتون على أنهار الجنة: فينبتون كما تنبت الحبة.
  لا يقال: إنه عام والحديث خاص، فلا تعارض.
  لأنا نقول: قد قدمنا أن العام فيما يتعلق بالعقائد وأصول الدين قطعي الدلالة على كل فرد، فلا يصح تخصيصه إلا بقطعي، والحديث آحادي فلا يصح التخصيص به، ولأنه معارض للآيات والأحاديث الدالة على خلود أهل الكبائر في النار.
  الحديث السابع: أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد في قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}[الإسراء ٧٩]، قال: يخرج الله قوماً من النار من أهل الإيمان بشفاعة محمد ÷، فذلك المقام المحمود.
  الحديث الثامن: أخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله ¥، ذكر حديث الجهنميين فقيل له: ما هذا الذي تحدث، والله تعالى يقول: {إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلْ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}[آل عمران ١٩٢]، و {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا}[السجدة ٢٠]؟ فقال: هل تقرؤون القرآن، قال: نعم، قال: فهل سمعت فيه بالمقام المحمود، قال: نعم، قال: فإنه مقام محمد ÷ الذي يخرج به