الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في الكلام على أهل الكبائر من هذه الأمة

صفحة 439 - الجزء 2

  من طريق عن أنس إلى قوله: «ثم أشفع فيحد لي حداً فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة، ثم أعود فأقع ساجداً فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقال لي: ارفع رأسك يا محمد إلى قوله: فيحد لي حداً فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة، قال: فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة قال: فأقول: يا رب ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن، أي: من وجب عليه الخلود»، ورواه أيضاً من طريق عن أنس وفيها: «فمن كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه فأنطلق وأفعل» الخ.

  قلنا: إن صح هذا الحديث فهو مضطرب، والاضطراب عند أئمة الحديث يوجب ضعف الحديث، ولا يؤخذ بالضعيف في الظنيات فكيف بما المطلوب فيه العلم القطعي؟! ولاضطرابه ينظر أي الروايات أرجح بأن يعتمد عليها، فتقدم الرواية الأولى عن أبي هريرة؛ لأنه لا تناقض فيها، ولا تعارض القرآن وصحيح السنة، ولأنها جارية على مقتضى الحال من سياق الكلام على نسقه اللازم بلا تهافت ولا تناقض في ذات بينه، بخلاف الروايتين الآخرتين عن أنس ففيهما من التهافت والتناقض والاختلاف بينهما في ذاتهما ما لا يخفى، مع كونهما معارضين لآي الكتاب وصحيح السنة فلا يمتنع تطرق الوضع إليهما، وإنما قلنا ذلك لأن الثلاث الروايات قد اتفقت في أولها: أن الله تعالى يجمع الخلق الأولين والآخرين في صعيد واحد فيرون من هول المحشر ما يرون، وينصرفون إلى آدم، ثم إلى نوح، ثم إلى إبراهيم، ثم إلى موسى، ثم عيسى، ثم محمد ÷؛ ليشفع لهم من انصرفوا إليه، وإنما يستقيم طلب الشفاعة في تلك الأحوال ليخلصهم الله بها من هول المحشر؛ لأنهم في تلك الحال ما قد دخلوا ناراً ولا قد عاينوا قراراً، ويؤيده ما ذكر في رواية أنس: يجمع الله الناس يوم القيامة فيهتمون لذلك، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا ø حتى يريحنا من مكاننا هذا، وفي رواية أبي هريرة: فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون وما لا يحتملون، إلى قوله: ألا تنظرون من يشفع لكم حتى قال: فيأتوا آدم إلى آخره، فعلم من الثلاث الروايات أنهم عند أن وصلوا إلى محمد ÷ ما قد