الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في الكلام على أهل الكبائر من هذه الأمة

صفحة 441 - الجزء 2

  كان قد فعل سببه المقتضي له، كما قال تعالى: {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا}⁣[آل عمران ١٠٣]، وقوله ÷: «ما زلت آخذ بحجزكم وأنتم تتهافتون إلى النار تهافت الفراش» الحديث، والمراد من أمته المطلقة في رواية أنس: من لم يستحق النار؛ للقيد الذي في رواية أبي هريرة: من لا حساب عليه، ولو لم يكن في قلبه من الإيمان إلا مثقال ذرة مع تجنب موجب النار، فيكون معنى هذه الرواية موافقاً بعد تأويله بما ذكرنا رواية أبي هريرة، ويكون الجميع موافقاً لما رووه واحتجوا به.

  الحديث العاشر: وأخرجه المرشد بالله # في الأمالي بإسناده إلى أنس ¥ عن النبي ÷ قال: «يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، ومن في قلبه مثقال بُرَّة من إيمان⁣(⁣١)»، ولا حجة لهم فيه وإن كان من رواية أئمتنا $؛ لأن معناه ما ذكرنا في رواية أنس للحديث التاسع؛ جمعاً بين الأحاديث، وصوناً لها عن التعارض ومعارضة آي الكتاب الكريم، ومخالفة إجماع العترة عليهم بعد أبيهم أفضل الصلاة والتسليم.

  فهذه العشرة الأحاديث هي عيون ما يتمسك به طوائف المرجئة لمذاهبهم العاطلة واعتقاداتهم الباطلة، وقد أريناك أيها المسترشد أنه لا دلالة في شيء منها، وما عداها فإنما هي أحاديث يتفرد بها رواتهم الذين يذهبون إلى تلك المذاهب المتشتتة والأقوال المتفاوتة، والعشرة المذكورة هي الغرر عندهم والعُمَدُ فيما بينهم {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْكَاذِبُونَ}⁣[المجادلة ١٨].

  وأما ما تمسكوا به من جهة العقل فقالوا: إن الفاسق قد ترك ما هو أبغض الأشياء إلى الله تعالى وهو الكفر، وفعل ما هو أحب الأشياء إلى الله تعالى وهو الإيمان، فلو عاقبه على الفسق وخلده في النار بسببه لكان قبيحاً، ولما فرق الحال


(١) تمامه: «ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من الخير». (من الهامش).