الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

(ما هو الإيمان؟):

صفحة 458 - الجزء 2

  القول الثامن: قول الغيلانية، أصحاب غيلان بن مسلم من مرجئة المعتزلة: هو الإقرار باللسان، والمعرفة بالله تعالى بالجنان، وبما جاء عن الله تعالى من الأحكام الشرعية والمعارف الدينية إذا كان مجمعاً عليه، لا مختلفاً فيه فلا تشترط المعرفة به في الإيمان.

  والفرق بين هذا القول والذي قبله: أن الذي قبله أن معرفة ما نص عليه لا بد منها في حصول الإيمان، أجمع عليه أم لا، وعلى الثاني لا إلا إذا أجمع عليه.

  القول التاسع: قول الحنفية: هو الإقرار والمعرفة بذلك مطلقاً. قال في شرح الأساس: أي سواء كان مما نص أو أجمع عليه أو لا.

  قلت: أما إذا لم ينص عليه فمن أين يثبت حكمه حتى يكون الإقرار به ومعرفته لابد منهما في حصول الإيمان، اللهم إلا أن يقال: مرادهم بذلك ما تحصل معرفته بالقياس والاجتهاد استقام، ولعل هذا هو المراد؛ ولهذا قال النجري: القول السادس قول أهل الرأي، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه. لكن هذه المقالة في غاية البعد عن الصحة؛ للزوم أن لا يكون مؤمناً إلا من عرف جميع المسائل المأخوذة من القياس أو الاجتهاد، ولا حصر لها، فبطلانه معلوم بلا ريب.

  القول العاشر: قول الأشعرية: الإيمان: هو التصديق بالله فقط. هذه عبارة الأساس. وعبارة القلائد: هو التصديق بالقلب فقط. والفرق بين العبارتين من جهة أن التصديق في الأولى مطلق لم يفرق فيه بين أن يكون باللسان فقط أو القلب فقط أو بهما معاً، ولعله مرادهم، دون الثانية، فهو مقيد بتصديق القلب انضم إليه اللسان أم لا، ومن جهةِ أن المتعلق بالأولى هو الله فقط، فظاهره وإن لم يصدق بالملائكة والكتب والرسل وما جاء به محمد ÷، ولعلهم لا يقولون بذلك، وفي الثانية لم يذكر المتعلق، ولعدم ذكره يحتمل أن مرادهم التصديق بجميع ما ذكر، أو التصديق بالله فقط، أو التصديق من حيث هو، فيطلق المؤمن على أي مصدق كان، وقد حمله صاحب القلائد على هذا الوجه؛ بدليل قوله: