(ما هو الإيمان؟):
  «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» الحديث.
  الوجه الثالث: أن الإيمان منج من عذاب الله تعالى وغضبه ولعنته قطعاً، وقد علمنا أن الله تعالى معذب لأهل الكبائر غاضب عليهم لاعن(١) لهم كما في آيات اللعان {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ ٧} {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ ٩}[النور]، ولعن المحاربين وقاتلي النفس المؤمنة وناقضي العهود، وتوعدهم أن لهم اللعنة وأن لهم سوء الدار، وليس غير النار، فيلزمهم مؤمن في النار، وهذا لم يسمع به في شرع بني إسرائيل ولا في كتاب منزل، بل {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التوبة ٧٢]، ولا فوز لفاجر ولا طاغ {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ}[الانفطار ١٤]، {فَأَمَّا مَنْ طَغَى ٣٧ وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ٣٨ فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ٣٩}[النازعات]، نسأل الله التوفيق والهداية إلى واضح الطريق.
  وأما النقل: فالكتاب، والسنة، وإجماع العترة $، بل إجماع السلف كما مر نقل ذلك عنهم من كتب المخالف فضلاً عن الموالف.
  أما الكتاب: فقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ٣ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ٤}[الأنفال]، وسبحان الله ما هو السر العظيم والنكتة الجليلة في قوله: {أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ٤}؟ فإنه أفاد التعظيم باسم الإشارة للبعيد إما
(١) في المخطوط: معذب أهل الكبائر غاضباً عليهم لاعنا لهم، وفي مختصر الكاشف الأمين كما أثبتناه.