(ما هو الإيمان؟):
  الادعائي، وأنه من باب قولهم: هو الرجل كل الرجل، لا يراد أن غيره لا يسمى رجلاً.
  فنقول له: نعم لا يراد أن غيره لا يسمى رجلاً، لكن ذلك للعلم الضروري من أن غيره يسمى رجلاً، فمن أين لك العلم الضروري أن غير من ذكر في الآيتين الكريمتين، ونحوهما قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}[النور ٦٢]، يسمى مؤمناً ضرورة عقلية؟ ولو كان الأمر كما ذكر لصح أن يقال في قوله تعالى: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ}[النساء ١٧١]، {إِنَّمَا إِلَهُكُمْ اللَّهُ}[طه ٩٨]: هو من باب الحصر الادعائي لا الحقيقي. ثم لو فرضنا صحة هذا التأويل وأنه من باب الحصر الادعائي فأي عبارة تفيد الحصر الحقيقي لو أراد الله تعالى أن يخاطبنا به، وأن يحصر الإيمان الديني على من اتسم بما ذكر في تلك الآيات الكريمة؟
  واعجب من قوله: وبالجملة فمثل هذه الآيات لا يفهم فيها من لفظ المؤمن من منح الذوق السليم غير معناه اللغوي، ألا ترى إلى قوله: {حَقًّا}.
  فيقال له: إذاً فلم يرد الله سبحانه وتعالى بإنزال هذه الآيات إلا ليفهمنا ويعرفنا أن الإيمان معناه في اللغة: التصديق، أو أنه يستعمل شرعاً في معناه اللغوي وهو التصديق، والأول معلوم البطلان؛ حيث إنه تفهيم لما يعلم لدينا أنه التصديق من دون كتاب ونبي يخبرنا بهذه القضية، وحاشا كلام الله تعالى أن يرد للتعريف والتفهيم لهذا المعنى. والثاني معلوم البطلان أيضاً؛ من حيث إنه لا يصح أن يخاطبنا بأنه ø لا يخالفنا أن الإيمان بمعنى التصديق وأنه عنده كذلك، ولو أراد هذا المعنى لما كان لذكر تلك الأوصاف فائدة، بل يكون ذكرها موهماً تعليق حصول الإيمان على حصولها، وليس هذا مراداً، فيكون الوجه في العبارة: إنما المؤمنون هم المصدقون تصديقاً مَّا؛ لأنه معناه اللغوي. فأما