الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

(ما هو الإيمان؟):

صفحة 464 - الجزء 2

  الاستشهاد بقوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ} الخ ما ذكره فمن واد والمسألة من واد آخر.

  وأما قوله: «والمراد أن هؤلاء هم المعتد بإيمانهم، والمخصوصون بفضل الإيمان ورتبته العليا؛ إذ لم يَسُق مثل هذه الآية لبيان مدلول اللفظ حتى يكون حاصلها: أولئك هم المسمون بالمؤمنين، كما لا يخفى» فهو عليه لا له، وإذا كان لا يفهم منه إلا المعنى اللغوي كما زعمت أولاً كان قًوْلَكَ: إن هؤلاء المعتد بإيمانهم، والمخصوصون بفضل الإيمان ورتبته رجوعٌ عنه، وتصديق بأنه لا اعتداد بإيمان أي: تصديق غيرهم، وأنه لا ينال فضل الإيمان ورتبته العليا سواهم، اللهم إلا أن تجعل له رتبة سفلى ينالها الفاسق فأتم برهان هذا التقسيم السقيم، وإلا فأرح نفسك عن استيلاد العقيم.

  وقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ١ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ٢ وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ٣}⁣[المؤمنون] الآيات، فبين تعالى أن المؤمنين هم الموصوفون بما ذكر في هذه الآيات.

  واعترضه الجلال بأن الآيات إنما أفادت أن تلك الأوصاف صفات المؤمنين، وكونها أوصافاً لهم لا يقتضي أنها هي الإيمان.

  قلنا: هذا إذا لم تكن الصفة كاشفة، أما إذا كانت الصفة كاشفة كأن تقول لمن أردت أن تذكر له حكم الخمر وماهيته: شراب الخمر الذي هو الشراب المعتصر من الشجرتين المزيل للعقل، فإن هذه الأوصاف التي حصلت بها ماهية الخمر، كذلك قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ١ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ٢} الخ الآيات، وكما في قوله: الجسم هو الطويل العريض العميق الذي يشغل الحيز.

  واعترضه السيد هاشم بأنه خلاف الغالب في اللغة من معنى الصفة، والغالب فيها إفادة التخصيص، فيكون حجة للخصم.

  قلنا: لا يسلم أنه الغالب، بل فائدة الصفة كما ذكره النحاة توضيح أو تخصيص