[أقوال المجبرة التي قالوا بها مع الجبر]
  ولا سبيل إلى القطع بالبعث والمعاد، وثبوت القيامة والجنة والنار؛ لأن الخبر بذلك كله لا يؤمن منه تعالى أن يكون بخلاف الواقع ولا يقبح منه تعالى؛ لأنه غير منهي عن شيء. وقولهم بنفي الحكمة، وذلك يشابه قول من يقول: إن الله تعالى خلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً، ذلك ظن الذين كفروا.
  وقولهم بقدم القرآن، وذلك موافق لما حكى الله تعالى عن الكفار: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ}[الأحقاف ١١]، فموافقتهم في القدم بالصراحة، وفي كونه إفكاً بالاقتضاء؛ لأنه إذا كان قديماً لم يكن من عند الله، ولم يكن كلامه تعالى؛ لأن القديم لا ينسب إلى أحد؛ لاستغنائه في وجوده بنفسه، فيكون القول بأنه من عند الله وأنه كلامه إفك مبين.
  وقولهم: يجوز إظهار المعجز على مدعي الربوبية والفراعنة والجبابرة، دون من يدعي النبوة كاذباً، وذلك يقتضي التسوية في المرتبة بين الأنبياء والفراعنة والجبابرة، فلا يلزم متابعة الأنبياء دون الفراعنة والجبابرة، ويلزم التحكم القبيح في جواز إظهار المعجز على النبي دون المتنبي، مع أن الله تعالى ليس منهياً عن شيء إن كانت علة القبح ليست غير النهي.
  وقولهم بالإرجاء، حيث إن منهم من يقطع بعدم عقاب أهل الكبائر، فيوافق قول من حكى الله عنهم ذلك ونسبه إلى غير الحق بقوله: {يأخذون عَرَضَ هَذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ}[الأعراف ١٦٩].
  ومنهم من يقول بالخروج من النار، وذلك موافق لقول الكفار من أهل الكتاب: {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَات}[البقرة ٨٠].
  وقولهم: إن الإيمان شرعاً ليس إلا التصديق، دون اجتناب المقبحات وفعل الواجبات، فأخرجوا الأعمال عن الإيمان، وذلك موافق لما ورد في ذم المرجئة الذين يقولون: الإيمان قول بلا عمل.