الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[حكم الكافر]

صفحة 521 - الجزء 2

  الجواز أو الوجوب أو الندب. والأظهر - والله أعلم - التفصيل، فإن كان في الزمان إمام، وكان الغازي في جهة ولايته لم يجز إلا بإذنه، وإن أمر وجب قطعاً، وإن نهى حرم قطعاً، وإن لم يكن في الزمان إمام، أو كان الغازي في ديار نائية عن الإمام جاز ذلك؛ إذ لا حرمة للكافر ولا لماله إلا لعارض من ذمة لجنسه، كمعطي الجزية من أهل الكتاب والعجم، أو ذاته كالمعاهد، أو نهي الإمام أو ما في حكمه، وهو عدم الإذن لمن هو في جهة ولايته. ويستثنى من ذلك من نهى الشرع عن قتله حال القتال، كالصبي والمرأة والأعمى والمقعد والعبد والمتخلي للعبادة والشيخ الفان، فإن هؤلاء لا يجوز قتلهم إلا مقاتلاً أو ذا رأي، وأما الاسترقاق فالظاهر الجواز، إلا العبد الآبق على سيده. وإنما استثنى الشارع هؤلاء السبعة لعجزهم عن القتال، واستثناء الصبي من الاستثناء المنقطع؛ لأنه ليس كافراً في الحقيقة، لكن له حكم الكافر إذا كان أبواه كافرين في أحكام الدنيا إلا القتل، وأما سبيه فيجوز بلا إشكال؛ لما في ذلك من المصلحة له، وهو مصيره بين المسلمين، فيستفيد الإسلام وحقن دمه ونحو ذلك من المصالح له. قوله #: «وسباؤه» يستثنى من ذلك المشرك العربي الذكر، فلا يقبل منه إلا الإسلام أو السيف، وكذلك المرتد رجلاً كان أو امرأة؛ لما علم من سيرته ÷ أنه ما كان يسترق ذكور مشركي العرب البالغين، ولا من ارتد عن دينه مطلقاً: ذكراً أو أثنى، عربياً أو عجمياً، ذمياً كان أو غيره، وقد قال ÷: «من ارتد عن دينه فاقتلوه». (وتجب معاملته بنقيض ما ذكرنا مما يجب من حق المؤمن) وقد مر أنه يجب إجلال المؤمن وتعظيمه واحترامه وتشميته وموالاته، ومر أيضاً أنه يحرم معاداة المؤمن وبغضه، فيقال في الكافر: تجب معاداته وبغضه، ومر أنها تحظر قطيعة المؤمن وغيبته، فيقال في الكافر: تجوز قطيعته وغيبته، أما القطيعة فإن فسرت بالهجر وعدم الصلة فلا إشكال في جواز ذلك، لكن قد يحسن عدم الهجر له وتحسن المواصلة بفعل البر والإحسان إلى الكافر المسالم والمجامل للمسلمين، وكذلك بصدقة النفل عليه: إما لخصال خير فيه،