الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[أبحاث متفرعة على كونه تعالى قادرا]

صفحة 117 - الجزء 1

  بأنها منقسمة بمستو، بل أكثر أهل النظر يعلمون أنها زوج قبل أن يخطر لهم انقسامها بمستو على بالٍ أو يمر لهم ذلك على خيال.

[أبحاث متفرعة على كونه تعالى قادرًا]:

  وإذا ثبت أن الله تعالى قادر على حسب ما مر من الخلاف هل ذلك ضروري بعد إثبات أنه صانع العالم أم استدلالي - فاعلم أنه يتصل بهذه المسألة أبحاث متفرعة على كونه تعالى قادراً:

  الأول: أن الله تعالى قادر على ما يفعله من جميع أفعاله تعالى اختراعاً، بمعنى أن ذلك ليس على سبيل الاحتذاء والاقتداء بفعل غيره، ولا مباشرة ولا تعدية، بل متى أراد شيئاً (أوجده تعالى من دون مماسة ولا بآلة) لأن المماسة والآلة مِن شأن الأجسام المحدثة المحتاجة إلى الآلة، والله سبحانه قديم غني لا تجوز عليه الحاجة كما سيأتي تقرير ذلك في محله، وقد مثل سبحانه وتعالى لكيفية إيجاده واقتداره على إيجاد ما أراد أن يوجده بقوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}⁣[يس ٨٢]، ومثله قوله تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}⁣[النحل ٤٠].

  وقال أبو الهذيل: بل هو على حقيقته. قلنا: يلزم الاحتياج إلى لفظة «كن»، وأيضاً فلفظة «كن» من جملة أفعاله تعالى فتحتاج إلى «كن»، و «كن» إلى «كن» فيتسلسل.

  الثاني: أن مقدوراته سبحانه وتعالى لا تنحصر ولا تنتهي إلى حد؛ لأنه تعالى قادر بذاته، ولا اختصاص لذاته بمقدور دون مقدور، فيجب أن يقدر على المقدورات، ومِن كل جنسٍ ونوعٍ منها ما لا نهاية له بحدٍّ ولا عدٍّ، وهذا فيما يقدر عليه، فأما ما أوجده فهو محدود معدود في علمه تعالى؛ لأنه عالم بكل شيء، وعلى هذا المعنى يُعلَمُ مصداق قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ