الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

(فصل:) في الكلام في الموت والفناء وبعض أحوال الآخرة

صفحة 563 - الجزء 2

  أما ما به يعلم فظاهر عبارة الأساس في تعليله حسنه بالتفرقة بين الدارين ليحصل العلم البت للكفار وغيرهم أن ما وصلهم بعده من العقاب والثواب هو جزاء على الأعمال، وأنهم قد نقلوا إلى دار لا سبيل لهم فيها إلى الشك في إثبات الصانع وتوحيده وعدله وصدق رسله ووعده ووعيده أنه يعلم عقلاً، ورواه الشارح عن أئمة أهل البيت $ وأبي علي وأصحابه. وقيل: إنما يعلم سمعاً فقط، ولا دلالة في العقل على ذلك، ورواه الشارح عن أبي هاشم وقاضي القضاة.

  وأما كيفيته فالكلام فيها في طرفين: أحدهما: في إمكان إعدامه وإذهابه بالكلية. والثاني: في الوقوع هل على سبيل الإعدام وإذهابه بالكلية أم على سبيل التمزيق والتبديد والتفريق.

  أما الطرف الأول فحكى في الأساس عن الجاحظ والملاحمية وبعض المجبرة وهو ظاهر كلام القرشي، وحكاية شيخنا ¦ عمن يقول من أئمتنا $ وبعض شيعتهم: إن الفناء تمزيق وتبديد، وحكاه أيضاً عن شيخه سيدي وجيه الإسلام ¦ أن إعدامه محال.

  ثم اختلف هؤلاء، فقال القرشي وكثير من المعتزلة: إلا بطرو ضد يقال له: الفناء، فعند أن يوجده الله يعدم العالم، وكأنه عندهم يستحيل عليه تعالى أن يعدم العالم من دون واسطة هذا الضد. وقال الجاحظ وبعض المجبرة، وهم الكرامية: بل هو محال في ذاته، ولا يمكن إعدام العالم لا بضد ولا بغيره. وهذا في نهاية الضلالة والبطلان، ولا أظن من يدين بأن الله أوجد العالم من العدم المحض يقول بذلك، وإن كان قد رواه الإمام في الأساس عن الجاحظ وبعض المجبرة، وحكاه الشارح عن الإمام يحيى # عنهم، فالله أعلم بصحة الرواية عنهم، وكيفية تعليل الإحالة إن ثبت عنهم القول بالإحالة. وقال بعضهم: ليست الإحالة لأن الإعدام غير ممكن له تعالى، بل لئلا يلزم تعذيب أو إثابة ذات لم تعص ولم تطع، فأما القادرية والإمكان فهو تعالى قادر على إعدام العالم، وهو ممكن في ذاته، وهؤلاء إن قالوا: إن إعادة ما