(فصل:) في الكلام في الموت والفناء وبعض أحوال الآخرة
  عدم عدماً محضاً محال، بمعنى أنه غير ممكن في ذاته فقولهم أيضاً في نهاية الضلالة والبطلان، ولا أظن من يدين بأن الله تعالى أوجد العالم من العدم المحض وحكم أنه قادر على إرجاعه إلى العدم يقول: إنه لا يقدر بعد ذلك على إعادته بذاته، وإن قالوا: إن ذلك محال لما فيه من مخالفة العدل والحكمة، كما يستحيل صدور الظلم والكذب عنه تعالى وإن كان قادراً عليهما؛ لما يلزم عليه من تعذيب أو إثابة ذات لم تعص ولم تطع فلا يسلم اللزوم.
  وأجاب عليهم شارح الأساس بقوله: والجواب والله الموفق: أن الله سبحانه قادر على إيجاد ذلك الجسم الذي أعدمه بعينه، وإرجاع ذلك الروح إليه بعينه، وتنعيمه أو تعذيبه، فلا بعد في ذلك بعد إقامة الدليل عليه؛ لأن الله على كل شيء قدير، وهو من الممكن غير المستحيل. انتهى كلامه، والمسك ختامه. وتعقبه شيخنا ¦ بأنه يلزم عليه ثبوت الذوات في العدم.
  قلت: لقائل أن يقول: بثبوت الذوات في العدم بعد أن كانت الذوات موجودة ثم عدمت كما في مسألتنا، لا فيما يذهب إليه بعض المعتزلة وبعض الزيدية من ثبوت الذوات في القدم، فيقولون: إن العالم وجميع ما فيه من الذوات ثابتة في الأزل، فبين الطرفين فرقٌ، ولا يلزم الاطراد، فليتأمل، فجواب سيد المحققين # صحيح لا غبار عليه.
  وأما الطرف الثاني: فروى شيخنا ¦ عن القاسم والهادي والمرتضى، قال: وحكاه السيد حميدان لأهل البيت $، والعنسي لهم، وشارح الأبيات الفخرية أنه تبدد وتفريق وتمزيق؛ لاستحالة تعلق القدرة بالإعدام، قال: وحكاه الإمام عن الجاحظ والملاحمية. قال: وقال بعض أئمتنا $ وجمهور المعتزلة والشيعة: بل يعدم كذهاب المصباح في لحظة، ثم اختلفوا، فقال أكثرهم: بواسطة طرو ضد وهو الفناء؛ ليجوزه العقل. وقال السيد محمد القاسمي وهو شارح الأبيات الفخرية حق الإمام الواثق بالله المطهر بن محمد بن المطهر $