[الإعادة بعد الفناء]
  الجهة الثانية: قال الجمهور: وتعاد أجزاء الحي كاملاً. وقيل: بل يعاد من الحي جملة يصح أن يكون الحي حياً معها، ذكره في الأساس ولم ينسبه إلى أحد، قال #: قلنا: يلزم من ذلك أن يكون الحي المعاد بلا يدين ولا رجلين؛ لأنه يصح أن يكون الحي حياً من دونها، والله تعالى يقول: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[النور ٢٤]. قال: وقال أبو علي والبلخي: جميع الأجزاء.
  وهذا لم يظهر لي فرق بينه وبين قول الجمهور إلا ما يظهر من مفهوم الجواب حيث قال: قلنا: لا دليل على إعادة الفضلات، قال الشارح #: كاليد الزائدة [ولذلك زيادة اللحم](١) والسمن على قدر الحاجة. فيظهر منه أن الخلاف بين قول أبي علي والبلخي في مثل اليد الزائدة والسمن.
  والأظهر أنه لا ثمرة للخلاف إلا فيما لا تحله الحياة مما قد فصل عن الحي عند موته كالشعر والظفر والظلف، فأما اليد الزائدة فلا مانع من إعادتها؛ لقوله تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ}[الأنبياء ١٠٤]، ثم إن كانت شيناً في صاحبها وهو يستحق الثواب أزيلت عنه عند أن يدخل الجنة، وإلا فلا دليل على إزالتها. وحكى الشارح عن أبي القاسم البلخي أنه قال: تبعث الجملة المستحقة للثواب والعقاب حال فعل الطاعة أو المعصية؛ لأنها بمجموعها هي المستحقة للثواب أو العقاب، حتى قال: لو قطعت يده وهو مؤمن ثم كفر فلا بد أن يخلق الله تعالى من يده حيواناً يدخل الجنة، وكذلك العكس. وهو قوي، إلا قوله: «لو قطعت يده وهو مؤمن الخ» فيفتقر إلى دليل، والله أعلم. وقد ذكر شارح الأساس أحاديث من السنة أن أهل الجنة يبعثهم الله تعالى على أكمل سن وأحسن مقدار، في أبناء الأربعين سنة، على تلك الصورة يحشر الشيخ والصبي وجميع المؤمنين،
(١) ما بين المعقوفين من (شرح الأساس).