[الجزاء]
  وورد في السنة أن مواقف الحساب خمسون موقفاً، بعضها عند النشر من القبور، وبعضها في عرصة المحشر، وبعضها عند تطاير الصحف وأخذ الكتب باليمين والشمال، وبعضها عند الميزان، وبعضها عند الصراط، وباقيها مواقف يسأل فيها عن كل واحدة من الطاعات بخصوصها، كالصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد وبر الوالدين وصلة الرحم، إلى غير ذلك من الطاعات، وبعضها يسأل فيها عن كل واحدة من المعاصي بخصوصها، كالزنا وشرب الخمر والنميمة والغيبة وأكل الربا وأكل مال اليتيم، إلى غير ذلك من المعاصي، فالمؤمن يتخلص من جميع هذه المواقف ويحاسب حساباً يسيراً.
  وورد في السنة أنه كما بين الحلبتين، وفي بعضها كما يؤدي الصلاة المكتوبة. والمجرم بارتكاب أي معصية من المعاصي المذكورة المسؤول عنها في ذلك الموقف، أو بالإخلال بأي طاعة من الطاعات المذكورة المسؤول عنها في ذلك الموقف يحبس فيه ألف عام في العطش والجوع وحر الشمس، ثم يخلص إلى ما بعده من المواقف، وكذلك إلى آخرها، ذكره في شمس الأخبار بطوله، وفي غيره ما يشهد بصحته، ويشهد له قوله تعالى: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}[المعارج ٤]، ولعل المجرم الذي فعل بعض الواجبات وارتكب بعض المحرمات لا يحبس في مواقف ما فعله من الطاعات وفي مواقف ما اجتنبه من المحرمات كما يظهر من لفظ الحديث، ولأنه الموافق للعدل، والله أعلم، نسأل الله التثبيت بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، والسلامة من شدة الحساب، والفوز والنجاة يوم المآب.
[الجزاء]:
  وأما الجزاء فالمراد به إيصال الثواب إلى مستحقيه، وإيصال العقاب إلى مستحقيه، وإنصاف المظلوم من الظالم، وإيصال الأعواض إلى مستحقيها بمقابل الأمراض والغموم والنقائص، وقد مر الكلام على كل هذه المسائل مفصلاً، ولله الحمد.