(فصل:) في الكلام في الموت والفناء وبعض أحوال الآخرة
  يمتنع أن المراد بقوله ÷: «نهر في الجنة»، مع أن الحوض في عرصة القيامة والمحشر، ومع أن هذه الصفات صفات الحوض هو أن أصل النهر في الجنة يجري ماؤه إلى الحوض، فلا تنافي.
  وفي شمس الأخبار أحاديث في صفته بعضها كما ذكر في الكشاف، وفيه: «حوضي ما بين عمان إلى عدن» وفي بعضها: «حوضي على صلب ملك من الملائكة، وخلق منه أربعة أنهر تجري بين السماء والأرض، فنهر من ماء، ونهر من لبن، ونهر من خمر، ونهر من عسل، فأما ذاك اللبن فيشربه من لم يقطع رحمه في دار الدنيا، وأما ذاك الماء فيشربه من لم يكسر رمضان من صومه شيئاً، وأما ذاك الخمر فيشربه من منع نفسه الخمر في دار الدنيا، وأما ذاك العسل فيشربه من أدى حق الله من ماله». وفي حديث آخر: «وأول الناس وروداً على الحوض أولها إسلاماً علي بن أبي طالب». وبإسناده إلى ابن عباس عن النبي ÷ أنه قال: «علي يوم القيامة على الحوض، لا يدخل الجنة إلا من جاء بجواز من علي بن أبي طالب». انتهى.
  وأخرج المرشد بالله # عن عبد الرحمن بن عوف قال: قام رسول الله ÷ بضع عشرة أو سبع عشرة ليفتحها، ثم قال: «يا معشر قريش، لتنتهن أو لأبعثن عليكم رجلاً مني أو كنفسي فيقاتل مقاتلكم، ويسبي ذراريكم، ثم أخذ بيد علي ثم رفعها، ثم قال: هو هذا، ثم قال: يا أيها الناس، إن موعدكم الحوض».
  وأخرج أيضاً عن أنس بن مالك قال دخلت على رسول الله ÷ فقال: قد أعطيت الكوثر، فقلت: يا رسول الله وما الكوثر؟ قال: نهر في الجنة عرضه وطوله ما بين المشرق والمغرب، لا يشرب منه أحد فيظمأ، ولا يتوضأ منه أحد فيشعث، لا يشرب منه أحد خفر ذمتي ولا قتل أهل بيتي»، وقد تقدم هذا الحديث من رواية ابن مردويه عن أنس.