الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[الفصل الثالث: في صفة خروجه واستشهاده #]

صفحة 667 - الجزء 2

  ينجح ذلك فيهم شيئاً، وأقبلت جنود الشام من تلقاء الحيرة، فحمل عليهم # كأنه الليث المغضب، فقتل منهم أكثر من ألفي قتيل بين الحيرة والكوفة، وأقام بين الحيرة والكوفة، ودخلت جيوش الشام الكوفة، ففرق أصحابه فرقتين: فرقة بإزاء أهل الكوفة، وفرقة بإزاء أهل الحيرة، ولم يزل أهل الكوفة يخرج الواحد منهم إلى أخيه والمرأة إلى زوجها والبنت إلى أبيها والصديق إلى صديقه فيبكي عليه حتى يرده، فأمسى # وقد رق عسكره وخذله كثير ممن كان معه، وأهل الشام في اثني عشر ألفاً، وحاربهم # يوم الأربعاء ويوم الخميس، وحمل عليهم عشية الخميس فقتل من فرسانهم زيادة على مائتي فارس، وأصيب # آخر يوم الجمعة بنشابة في جبينه، فحمل إلى دور أرحب وشاكر، وجيء بطبيب نزع النصل بعد أن عهد إلى ولده يحيي بجهاد الظالمين، ثم مات من ساعته ودفن في مجرى ماء وأجري عليه الماء، فأبصرهم غلام سندي، فلما ظهر قتله وصاح صائح يوسف بن عمر بطلبه دل عليه، فصلبوه في الكناسة، وحرقوه بعد ذلك وخبطوه بالشماريخ والعثاكيل حتى صار رماداً، وسفوه في البر والبحر وذروه في الرياح، فحرق الله هشاماً في الدنيا وله في الآخرة عذاب النار.

  وروى السيد أبو طالب في أماليه بإسناده إلى ابن شهاب الزهري قال: دخلت على هشام بعد قتل زيد بن علي @، فقال هشام: ما أراني إلا أوبقت نفسي، فقال الزهري: وكيف ذاك؟ قال: أتاني آت فقال: إنه ما أصاب أحد من دماء آل محمد شيئاً إلا أوبق نفسه من رحمة الله، قال: فخرجت وأنا أقول: لقد أوبقت نفسك من قبل ذلك، وأنت الآن أوبق وأوبق، انتهى كلام الشافي.

  وقال المقريزي بعد أن ذكر صفة دفنه وإخراجه وصلبه، وأنه لم تر عورته ستراً من الله عليه، وإنزاله بعد سنين وإحراقه ما لفظه: وقال عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي: سمعت أبي يقول: اللهم إن هشاماً رضي بصلب زيد