الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

فصل: في الكلام في أن الله تعالى عالم

صفحة 151 - الجزء 1

  وقال أبو الحسين ومحمود: المرجعُ بكون العالم عالماً إلى تبين المعلوم ووضوحه للعالم شاهداً وغائباً. وجعل أبو الحسين ذلك التبين صفة لقلب العالم في الشاهد، ومزية في حق الغائب.

  وقال جمهور أئمتنا $ - على رواية الأساس - وموافقوهم: إن المرجع بكون العالم عالماً إلى ثبوت ذات الباري تعالى ونفي الجهل عنه، من دون ثبوت صفة زائدة على ذاته ولا حالة ولا مزية، وأما في الشاهد فمثل قول القرشي ومَن وافقه: إن المرجعَ بكونه عالماً إلى صفة راجعة إلى جملة الحي قائمة بالحي، وهي الاعتقاد الجازم المطابق.

  وقالت الأشعرية وغيرهم من سائر المجبرة: المرجعُ بذلك إلى مثل ما قلناه، في الشاهد والغائب معاً، فيجعلونها صفة معنوية شاهداً وغائباً، محدثة في الشاهد قديمة في الغائب، وسيأتي الاحتجاج للقول المختار وإبطال ما عداه بعد هذا قريباً إن شاء الله تعالى.

  التاسع: الاتصافُ بكون الحي عالماً صفةُ مدح بكل حال، سواء كان معلومه حسناً أو قبيحاً، والجهلُ صفةُ نقص لا بكل حال، بل فيما إذا كان في الجهل به مفسدة، كالجهل بالصانع تعالى وما يجب له من الصفات الإثباتية والنفيية التي لا يتميز عن غيره إلا بها؛ لأن الجهل بذلك يؤدي إلى كفر نعمته وأَمْنِِ نقمته، وعدم القيام بطاعاته واجتناب معاصيه، وكذلك الجهل بما لا يتم ذلك إلا به، كالعلم بعدله تعالى وحكمته على الجملة، والعلم بالنبوات والشرائع، وصدق الوعد والوعيد، وسائر ما جاءت به الرسل من أحوال المعاد المعلومة من الدين ضرورة، كالبعث والنشور والجنة والنار والشفاعة ونحوها، وما يتصل بذلك مما هو كالتتمة لذلك، كالعلم بوجوب الإمامة، ومعرفة الإمام بعده ÷، ومَن أخبرنا بثبوت إمامته قطعاً كالحسنين @، وإمام العصر بعدهما، والعلم بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكذلك الجهل بجميع أحكام الشريعة من