الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[ما يجري على الله من الأسماء بمعنى عالم وما لا يجوز]

صفحة 153 - الجزء 1

  ما استطاع، وعدم الاشتغال بالعلوم التي لا نفع فيها ولا ضرر في الجهل بها، وقد روي أنه ÷ مَرَّ بنادٍ في قريش وهم جلوس حول رجل يستمعون منه فقال: «ما هذا؟» فقيل له: عَلّامة يسمعون منه، فقال: «ماذا يسمعون منه؟» فقالوا: أشعار العرب وأنسابها، فقال ÷: «علم لا ينفع وجهل لا يضر»، وهذا من جوامع الكلم التي أعطيها ÷، وما ذكرناه يعود إلى معناه، والله أعلم.

[ما يجري على الله من الأسماء بمعنى عالم وما لا يجوز]:

  العاشر: فيما يجري على الله من الأسماء بمعنى عالم، وفيما لا يجوز منها وإن أفاد العلم وصفة المدح في الشاهد.

  فالذي يجري على الله تعالى بمعنى كونه عالماً: «عليم» و «علام» و «داري» و «عارف» عند البعض، وصححه شيخنا ¦. وحجة من منعه: أن المعرفة هي العلم المسبوق بالجهل.

  قلنا: بل تستعمل في مطلق العلم وإن لم يسبق بجهل، وفي كلام أمير المؤمنين # في بعض خطب النهج: (أَجَّلَ الأشياء لأوقاتها)، إلى قوله #: (عارفاً بها قبل ابتدائها ..) إلخ.

  و «سميع» و «بصير» و «سامع» و «مبصر» و «مدرك»، كلها عند جمهور أئمتنا $ والبغدادية بمعنى عالم بالمسموع والمبصر وسائر المدركات مما يدرك شاهداً بحاسة الشم والطعم واللمس، ويُعَبَّر عن العلم بالثلاثة الأخيرة بمدرِك، بمعنى عالم بها، ولا يعبر عنها بشام وطاعم ولامس؛ لإيهام التجسيم. وأما المسموع والمبصر فيصح التعبير عن العلم بهما بسميع وبصير وبسامع ومبصر ومدرك؛ لورود السمع بذلك، ولا خطأ ولا إيهام.

  و «حكيم» بمعنى عالم بالحكمة، وأما بمعنى مُحكِم فصفة فعل، فيفيد عالمًا باللزوم لا بالوضع والمطابقة.

  و «واجد» عند البعض؛ لقوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى}⁣[الضحى ٧] أي: