الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

فصل: في الكلام في أن الله تعالى عالم

صفحة 155 - الجزء 1

  وأمَّا الأسماء التي لا تجوز على الله تعالى فكقولنا: فقيه، وطبيب، وشاعر، وفطن، ومتبين، ومتحقق، ومتبصر، وحاذق، وذكي، ومتيقن، وعاقل، ولبيب، وساكن النفس، ومطمئن، ومعتقد، ومتعجب، ومحيط إلا مع القيد، نحو: {أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}⁣[الطلاق ١٢]، هكذا قاله شيخنا والقرشي رحمهما الله تعالى. والأظهر في «المحيط» جوازه من دون قيد كقولهم: «لا إله إلا الله الحفيظ المحيط» بلا تناكر، ولوروده في السمع.

  وأما الغم والندم والأسف والحسرة فلا إشكال أنها صفات نقص، ولا تجوز على الله تعالى بحال، وما ورد في القرآن مما يوهم اتصافه تعالى بشيء منها فَمجاز يُقَرُّ حيث ورد ولا يقاس عليه نحو: {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ}⁣[الزخرف ٥٥]، {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ}⁣[يس ٣٠]، قيل: معنى الأولى: آسفوا أولياءنا، والأظهرُ أنه مبالغة في تفضيع أفعالهم وشناعتها، فأُطلق اللفظُ مبالغة في ذلك، وهُجر المعنى الموضوع له اللفظ في الأصل، ومعنى الثانية - يا حسرة -: أن أفعالهم تصير عليهم حسرة. والأظهرُ أنَّ معناها: يا حسرة هلمي أو كوني على العباد، تنزيلاً لها منزلة المخاطب، وهو أبلغ وأفصح في الكلام، والله أعلم.