الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[حقيقة الصفة، والفرق بينها وبين الحكم]

صفحة 178 - الجزء 1

  أو حال أو معنى، أم ليس في الوجود شيء من ذلك، بل ليس إلا ذاته المقدسة لأجلها كان قادراً عالماً حياً موجوداً.

  ولا بد قبل حكاية المذاهب في ذلك، وتقرير القول الحق في ذلك - من تقديم تمهيد لذكر حقيقة الصفة والفرق بينها وبين الحكم، وتقسيم الصفات، وكيفية اتصاف الموصوفات بها على سبيل الاختصار، وقد أفردت لهذه المسألة مؤلفاً مستقلاً لعظم شأنها ونفعها، وعظم الخطر في الخطأ فيها، وسميته: بـ «البحث المفيد الجاري على محض التوحيد في صفات الحميد المجيد»، فمن أراد الاستيفاء فعليه به أو غيره من مطولات الفن.

[حقيقة الصفة، والفرق بينها وبين الحكم]:

  اعلم أن الصفة والوصف يُستعملان في اللغة بمعنى واحد، وهما مصدران عبارة عن قول الواصف المتضمن نسبةَ ما أفاده اللفظ إلى الموصوف، يقال: وَصَفَهُ يَصِفُهُ وَصْفًا وصِفَة، كوَعَدَه يعده وعداً وعِدَة، وكوَزَنَهُ يزنه وزناً وزِنَة، وسواء كان ذلك القول صادقاً في الموصوف بأن كان ذلك المعنى ثابتاً له، كقولك: «زيد كريم» مع حصول الكرم منه، أم كان كاذباً، كقولك: «زيد كريم» مع عدم حصول الكرم منه، فإن الكل يقال له وصف في أصل اللغة، ومنه قوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ(⁣١)}⁣[المؤمنون ٩١].

  وفي عرف اللغة: ما أفاده قول الواصف كالكرم - مثلاً - الذي أفاده قولك: «زيد كريم»، وكالشجاعة والعلم في قولك: «زيد شجاع عالم».

  وأما في اصطلاح المتكلمين فقد اختلفوا في ذلك، فمن ذهب منهم إلى أن صفات الباري سبحانه وتعالى ذاته فَرَّق بين الصفة شاهداً وغائباً، ففي الشاهد


(١) أي: سمى قولهم وصفًا.