الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[حقيقة الصفة، والفرق بينها وبين الحكم]

صفحة 179 - الجزء 1

  هي ما أفاده قول الواصف، وهو المعنى القائم بالموصوف كالكرم والشجاعة والعلم، فلا فرق عندهم بين الحقيقة العرفية والاصطلاحية شاهداً، وأما غائباً فلا تُحدُّ عندهم بحد ولا تحقق بماهية؛ إذ هي ذاته ø، وذاته تعالى لا تحد؛ إذ لا تدخل تحت جنس فتفصلها بعد ذلك عن غيرها بالنوع، ذكر معنى ذلك سيد المحققين قدس الله روحه.

  قلتُ: ومراده # أنها لا تحد بالحد الذاتي، وهو الذي يتصور به ماهية الشيء وهُويته، كما إذا قيل ما الخمر؟ فيقال: الشراب المسكر. أو الرسمي، وهو الذي يتألف من لوازم الشيء العارضة لذاته اللازمة لها، كما إذا قيل: ما الإنسان؟ فيقال: الطويل القامة الماشي على الرجلين البادي البشرة العريض الأظفار. فأما بالمعنى الثالث من معاني الحد، وهو شرح الاسم بلفظ مرادف له أو أجلى منه، كما إذا قيل: ما العقار؟ فيقال: الخمر، وما الغضنفر؟ فيقال: الأسد، وما القادر؟ فيقال: من يصح منه الفعل - فهذا لا يمتنع حد الصفة - أي: شرحها - به، سواء أردنا الصفة شاهداً أو غائباً.

  ومن ذهب منهم إلى أن صفات الباري تعالى أمور زائدة على ذاته لم يفرق بين حد الصفة شاهداً وغائباً، وجعلها تأتي لمعنيين:

  أعم: وهو كل أمر يعلم للذات زائداً عليها تعلم الذات من دونه. وإنما جعلوا هذا أعم لأنه يدخل تحته صفات الإثبات كقادر وعالم وحي ونحو ذلك، وصفات النفي كليس بضاحك وليس بجسم وليس له ثان ونحو ذلك. ويدخل تحته الحكم، وهو ما يعلم للذات باعتبار غيرها أو ما يجري مجرى غيرها، كالمماثلة والمخالفة والزوجية والأبوة والبنوة، فلا يعلم هذا الوصف للذات إلا باعتبار غيرها، فيسمونه حكماً لما كان لا يعلم للذات إلا باعتبار غيرها. والذي يجري مجرى الغير وجود الذات، فإنه عندهم يجري مجرى غير الذات لما كان زائداً عليها، فيتعلق الحكم وهو صحة الفعل لإيجاد المقدور بين ذات المقدور