فصل: في الكلام في أن الله قديم
  وبين وجودها الذي يجري مجرى غيرها.
  وأخص، وهو أمر يعلم للذات زائد عليها راجع إلى الإثبات، تعلم الذات من دونه من دون اعتبار غيرها أو ما يجري مجرى غيرها، ولا يعلم على انفراده من دونها. فأرادوا بقولهم: «راجعاً إلى الإثبات» إخراج صفات النفي، فليست بصفات بالمعنى الأخص. وأرادوا بقولهم: «من دون اعتبار غيرها الخ» إخراج الأحكام، فليست بصفات بالمعنى الأخص. وأرادوا بقولهم: «ولا يعلم على انفراده من دونها» إخراج المعاني كالحلاوة والحموضة والحمرة والصفرة والقدرة والعلم والحياة، فإن هذه معان تعلم على انفرادها من دون تصور الذوات القائمة بها، فإن الحلاوة تعلم على انفرادها من دون أن يعلم هل حلاوة عسل أم سكر أم عنب، وإن كان في الخارج لا توجد إلا في تلك الذوات أو نحوها، وكذلك سائرها فإنها عندهم ليست بصفات بالمعنى الأخص، بل بالمعنى الأعم.
  إذا عرفت ذلك فاعلم أنهم بعد ذلك يقسمون الصفات إلى خمس: ذاتية، ومقتضاة، ومعنوية، وبالفاعل، وصفة الفعل.
  وعند جمهور أئمتنا $ ومن وافقهم إلى اثنتين فقط: صفات ذات، وصفات فعل.
  فصفات الذات ما قد عرفت بما حكيناه عنهم أنها شاهداً(١) عبارة عن المعنى الذي أفاده قول الواصف، وغائباً لا تحد بالماهية أو بالرسم، بل بالشرح لمعنى اللفظ فقط.
  وصفات الفعل: ما يثبت للمتصف بها باعتبار أنه فَعَلَ الحدثَ المشتق منه ذلك الوصف، كخالق لفعله الخلق، ورازق لفعله الرزق، وقابض، وباسط، ومحيي، ومميت، ونحو ذلك، ولا يثبتون صفة ذاتية في حقه تعالى ولا مقتضاة، بل
(١) أي: في الشاهد.