الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

فصل: في الكلام في أن الله قديم

صفحة 181 - الجزء 1

  يقال لهما: صفات ذات. ويجعلون المعنويةَ والتي بالفاعل وصفة الفعل داخلة في صفات الفعل، وكذلك الذاتية والمقتضاة في الشاهد جعلوها كلها من قسم الصفات التي لا تكون إلا بالفاعل، كالجسم مثلاً فإن فيه صفة ذاتية وهي ما تَأَلَّفَ الجسم وحصل منها، وهو الطول والعرض والعمق، ومقتضاة وهو التحيز وجواز التجزي والانقسام، ومعنوية وهو اللون والطعم ونحوهما، فعند جمهور أئمتنا $ ومن وافقهم أن جميع ذلك بفعل فاعل الجسم. وعند البهاشمة ومن وافقهم أن ليس بفعل فاعل الجسم إلا صفته الوجودية - أي: إيجاد الجسم - دون ذاته فهي ثابتة في الأزل، ودون المقتضاة فهي مقتضاة عن ذاته متى وجدت، وقالوا في العَرَض: إنما هو تعالى فاعل صفة العرض الوجودية وهي إيجاد اللون ونحوه، دون ذاته فهي ثابتة في الأزل، ودون كونه هيئة للمحل فهي مقتضاة عن ذاته متى وجدت، فالصفة المقتضاة عندهم وكون الذات ذاتاً ليست بفعل فاعل الجسم والعرض، بل كونهما ذواتاً ثابتة في الأزل، والمقتضاة هي حاصلة على سبيل الإيجاب بالاقتضاء عند وجودهما⁣(⁣١).

  وإنما قسم جمهور أئمتنا $ ومن وافقهم الصفات إلى قسمين فقط: صفات ذاتٍ وصفات فعلٍ - اعتماداً على القسمة الدائرة بين النفي والإثبات، وهي أن يقال: الصفة المنسوبة إلى المتصف بها لا تخلو: إما أن تكون باعتبار نسبة شيء يرجع إلى ذاته ويقوم بها أو لا، الأول صفات الذات، والثاني: فإما باعتبار أن تلك الذات فعلت الحدث المشتق صيغة الوصف من مصدره أو لا، الأول صفات الفعل، والثاني ليس بصفة اصطلاحية، بل هو قول كاذب يسمى وصفا لغة، كوصفِ المثلِّثةِ اللهَ تعالى بالتثليث، والمجسمة بالتجسيم، والمجبرة بأنه خلق أفعال العباد، وهذا واضح.


(١) أي: الجسم والعرض.