فصل: في الكلام في أن الله قديم
  والبهاشمة ومن وافقهم يقال في تقسيمها إلى خمس: الصفةُ إما أن تثبت للمتصف بها باعتبار أنه فعل ما اشتقت منه أو لا، الأول صفات الأفعال، والثاني إما أن تكون لذات الموصوف بها أو لا، الأول الذاتية، والثاني إما أن تثبت للمتصف بها لأجل صفته الذاتية أو لا، الأول المقتضاة، والثاني إما أن تثبت للمتصف بها لوجود معنىً فيه أو لحدوث ذاته، الأول المعنوية، والثاني التي بالفاعل. وقد عرف من ذلك التقسيم حدودها. قالوا: والذوات المتصفة بكون هذه الصفات الخمس صفات لها ثلاث لا رابع لها: ذات جسم، وذات عرض، وذات الباري تعالى.
  فالجسم يستحق مِن جهة الذات الذاتية كالطول والعرض ونحوهما، ومن الاقتضاء المقتضاة كالتحيز وجواز التجزؤ والانقسام ونحوهما، ومن جهة المعنى المعنوية كحالي وحامض وأسود وأبيض ونحوهما، ومن جهة التي بالفاعل كونه موجودًا، وإذا كان حيًّا وفعل فعلًا استحق الخامسة وهي صفة الفعل كضارب وماش ومحترك ونحو ذلك، فكانت الخمس الصفات كلها صفات للجسم الحي الفاعل، والأربع الأُول فقط إن لم يفعل شيئاً.
  والعرض يستحق مِن جهة الذات الذاتيةَ، وهي كونه يقوم بالجسم ولا يشغل الحيز عند حدوثه، ومِن جهة الاقتضاء المقتضاةَ، وهي كونه هيئة للمحل ولا يقوم بنفسه، ومن جهة التي بالفاعل كونَه موجوداً، فاستحق منها ثلاثاً، ولا يستحق المعنويةَ؛ لأن المعنى لا يقوم بالمعنى، ولا صفةَ الفعل؛ لأنه لا يصح من العرض أن يفعل فعلاً.
  والباري تعالى يستحق من جهة الذات الذاتيةَ، وهي الصفة الأخص عند أبي هاشم وموافقيه، أو نفس الذات المقدسة عند أبي علي ومن وافقه في نفي الصفة الأخص، ثم اتفقا في وصفه تعالى بقادر وعالم وحي وموجود أنها مقتضاة عن نفس الذات عند أبي علي أو عن الصفة الأخص عند أبي هاشم، فاستحق سبحانه وتعالى من جهة الذات الذاتية، ومن جهة الاقتضاء المقتضاة، ويستحق من جهة