الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

فصل: في الكلام في أن الله قديم

صفحة 185 - الجزء 1

  ومنها: ما قالوه في غير صفة مريد وكاره من هذه الصفات من الأقوال المعلومة التناقض، نحو قولهم: لا هي الله ولا هي غيره، ولا موجودة ولا معدومة، ولا قديمة ولا محدثة، ولا شيء ولا لا شيء مع أنهم يعيبون ذلك على الأشاعرة في قولهم في المعاني: لا هي الله ولا غيره، ولا شيء ولا لا شيء، ثم فارقوا الأشاعرة بقولهم: لا موجودة ولا معدومة، ولا قديمة ولا محدثة، والأشاعرة قالوا: موجودة قديمة.

  ومنها: ما قالوه في صفة مريد وكاره من المحالات الظاهرة كما سبق حكاية مذهبهم في هاتين الصفتين، وسيأتي الكلام فيهما في العدل إن شاء الله تعالى.

  نعم، وقد ظهر لك أيها المطلع مِن جميع ما مَرَّ مذاهبُ بعض المتكلمين في هذه المسألة إجمالاً، فلنورد الجميع تفصيلاً، ثم نَرْدُدُ كل قول منها إلى أصول التوحيد المجمع عليها، فما عاد عليها بالتقوية والتأييد فهو الحق الذي لا ريب فيه، وما عاد عليها بالمناقضة والتبعيد فهو الباطل الذي لا يجوز المصير إليه.

  فنقول: قال في الأساس وشرحه: قال جمهور أئمتنا $ والملاحمية أصحاب الشيخ محمود الملاحمي من المعتزلة: وصفات الله تعالى ذاته، وفاقاً لأبي الحسين البصري والرازي⁣(⁣١) وغيرهما - قال في الشرح⁣(⁣٢) -: كأبي القاسم البلخي وابن الإخشيد⁣(⁣٣) وسائر شيوخ البغداديين، فإن هؤلاء جميعاً يوافقون في صفته تعالى الوجودية أنها ذاته تعالى، قال #: ومعناه - أي: معنى أن صفات الله هي ذاته -: أنه تعالى قادر بذاته لا بأمر غيره زائد على ذاته، ونحو ذلك، أي: عالم بذاته، وحي بذاته، وسميع بصير بذاته، والمعنى ليس إلا ذاته كما ذكرناه من قبل الخ. وقوله #: وفاقاً لأبي الحسين ومَن ذكر في صفته الوجودية، يعنى أنهم يوافقونا


(١) من المجبرة.

(٢) أي: شرح الأساس ص ١١٩ - ١٢٠.

(٣) «الإخشيد» في الأصل بالذال: «الإخشيذ»، وفي شرح الأساس: ابن الإخشيد.