الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

فصل: في الكلام في أن الله قديم

صفحة 187 - الجزء 1

  ولا غيره، ولا بعضها هو البعض الآخر ولا غيره.

  وقالت الكرامية: أغيار لله تعالى قديمة، أعراض حالة في ذاته. انتهى.

  قوله: «اتفق أهل العدل أنه يستحقها لذاته» يعني بذلك قول أبي هاشم ومن وافقه في إثبات الصفة الأخص، وقول أبي علي ومن وافقه في نفي الصفة الأخص، ولعله أراد إدخال قول الملاحمية وأبي الحسين معهم⁣(⁣١) ليصح له قوله: «اتفق أهل العدل»، وقد رأيت على رواية الأساس أن الملاحمية وجمهور أئمتنا $ يقولون: إنها هي الذات، ولم يتعرض لذكر هذا القول مع أنه هو الصحيح. ولعله لما كان يشترك هو وقول سائر أهل العدل في نفي المعاني جعلهما قولاً واحداً بالنظر إلى ذلك، وإلا فهما قولان؛ لأن البهشمية والبعلوية⁣(⁣٢) يجعلونها أموراً زائدة على الذات مقتضاة عنها بواسطة الصفة الأخص أو لا حسبما مر تحقيق الخلاف بينهم.

  قلت: فهذه حكايات المذاهب المشهورة في هذه المسألة، وقد حكى الجلال ¦ في حاشيته على القلائد أقوالاً غيرها حتى أَنْهَاهَا إلى تسعة أقوال، وانتصر للقول الأول الذي هو قول جمهور أئمتنا $، ولا حاجة بنا إلى ذكر سائر الأقوال التي حكاها؛ لأنها إما راجع إلى ما قد ذكر أو غير مشهور عن من نسب إليه، فتركُ حكاية ذلك عنه أسلمُ.

  وحينئذ فنقول: إذا عرفت أيها الطالب هذه المذاهب جميعها وأمعنت النظر فيها وجدت القول الأول ليس فيه ما يقدح في شيء من أصول التوحيد ومسائله المتقررة المجمع عليها بين أهل الإسلام، ولا مناقضة للقضايا العقلية كقول بعضهم: لا هي لله ولا غيره، ولا شيء ولا لا شيء، ونحو ذلك من الأقوال المتناقضة المتنافية.


(١) أي: مع أبي هاشم ومن وافقه. (منه).

(٢) أتباع أبي علي.