الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

إلزامات:

صفحة 200 - الجزء 1

  القديمة، وأنتم تقولون: الإرادة قديمة وهي أحد المعاني القديمة، وإنما الخلاف في العبارة؟

  وإن قلتم: لإنكارهم كونه فعل العالم.

  قيل لكم: ليس كلهم ينكره، بل فيهم مَن يقر به ويجعل التأثير فيه للعلة، والعقول شرط في صحة التأثير، فصار كقولكم: التأثير في العالم لله تعالى، والمعاني شرط في صحة التأثير، فالخلاف بينكم وبينهم إنما هو في اللفظ والعبارة، ولا مشاححة في العبارة.

  وبعد، فالإرادة عندكم يستحيل تخلف المراد عنها وهي أحد المعاني القديمة، وإذا كان كذلك فما استحال تخلف القديم عنه فهو قديم مثله، فيلزمكم موافقتهم في قدم العالم، فيرتفع الخلاف بينكم وبينهم في تلك الأطراف، ويؤول الشقاق إلى الوفاق، ولا مشاححة إلا في العبارة. ولا يلزمنا هذا؛ لأنا لا نقول: إرادة الله تعالى قديمة، ولا نقول بوجوب حصول المراد عند حصولها واستحالة تخلفه عنها، ذكر هذا الإلزام الإمام المهدي # في الغايات، والقاضي إسحاق العبدي ¦ في الاحتراس، وهو لعمري إلزام جيد لا محيص لهم عنه.

  ومنها: يقال لهم: ألستم تكفرون النصارى كما كفرهم الله تعالى لَمَّا قالوا: إن الله ثالث ثلاثة؟ فلابد من «بلى»⁣(⁣١)، فيقال لهم: فما جوابكم عليهم إذا قالوا لكم: وأنتم تقولون: إن الله ثامن ثمانية⁣(⁣٢): القدرة، والعلم، والحياة، والسمع، والبصر، والإرادة، والكراهة، والكلام، لكن السمع والبصر هما واحد وهو الإدراك، فهذه سبعة، والثامن ذاته تعالى، فكانت ثمانية في الوجود القديم الأزلي؟ فليس من يثبت


(١) أي: فلا بد أن تجيبوا بـ «بلى».

(٢) في حاشية على الأصل:

هو الفرد حي قادر وإرادة ... سميع بصير عالم متكلم