الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

فصل: [معاني بعض الآيات المتشابهة]

صفحة 234 - الجزء 1

  الألباب، ويكونُ⁣(⁣١) ردعاً وزجراً وتسجيلاً على من زاغ وترك الحق أنه قد فارق التذكر الواجب عليه، وهو النظر الصحيح الذي لم يسلكه {إِلا أُوْلُوا الأَلْبَابِ}، فتأمل أيها المسترشد رحمك الله وإيانا كم حوت هذه الآية الكريمة من أسرار لطيفة مفيدة، ومعان منيفة غير بعيدة.

  وإذ قد فرغنا من المقصود قبل الخوض في شرح ما أورده # بهذا المختصر في المتشابه فلنرجع إلى الكلام فيما ذكره # بقوله: (فإن قيل) لك أيها الطالب الرشاد (: إنه قد ذكر في القرآن أن يداه) سبحانه وتعالى (مبسوطتان) فيما قاله ø رداً على اليهود لما قالوا: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} أرادوا بذلك الكناية عن البخل المتوهمين له من قبض الأرزاق عليهم وتضييقها وتقليلها، فرد عليهم بقوله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}⁣[المائدة ٦٤]، ولا يَخفَى على العارف بموارد اللغة العربية ومواقعها من البلاغة والفصاحة أَنه لا يستقيم هاهنا أن المراد باليد والغل والبسط معانيها الحقيقية، وأن الخبرَ أصلاً وجواباً مُسَاقٌ لِلإِخبار بذلك، تعالى الله عما هنالك، فلا بد من تأويله وتنزيله على وجه يَصح أَنْ يكونَ هو المراد من مساق الإِخبار، (و) كذلك ما ذكر في القرآن الكريم (أن له) تعالى (جنباً، وعيناً، ونفساً، وأيدياً لقوله) تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ (مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا) أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ}⁣[يس ٧١]، وغير ذلك من الآيات التي فيها ذكر ما يوهم التجسيم من أن له تعالى وجهاً أو أنه في جهة، كقوله تعالى: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}⁣[الملك ١٦]، {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}⁣[طه ٥٠]، وغير ذلك من المتشابه في الكتاب، أو في السنة، كما ورد أنَّ العبد إذا أكمل وضوء الصلاة وأشراطها وأحسن أداءها فإن الله تعالى يضحك لذلك حتى تبدو نواجذه، فإن ذلك إن صح فَإِنَّما هو على جهة المبالغة في قبولها وعدم ردها.


(١) يعني: هذا الكلام، وهو قوله تعالى: {وَمَا يَذَّكَّرُ} الخ. (حاشية من الأصل).