الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[الكرسي والعرش وقول العدلية: إن الله لا داخل في العالم ولا خارج]

صفحة 250 - الجزء 1

  بالاستواء؛ لأنه أعظم المخلوقات، وقد أشار بعضهم إلى معنى ذلك بقوله، ولله دره:

  وقولُ إلهي في الكتابِ قد اسْتَوى ... على العرشِ ربٌّ كان للعرشِ بَانِيَا

  فهذا كقولي للأميرِ قد اسْتوَى ... على المدنِ والأمصارِ إذ صار واليَا

  يريدُ به سُلطانَه واعْتِلاءَه ... وذلك شيءٌ ليس في القولِ خَافِيَا

[الكرسي والعرش وقول العدلية: إن الله لا داخل في العالم ولا خارج]:

  تتمة تشتمل على ثلاثة أمور: أحدها: الكرسي عند من تقدم، والصادق $، والحسن البصري عبارة عن: علم الله تعالى، وهو شائع، قال:

  ولا تَكَرَّسَ عِلْمَ الغَيْبِ مَخْلُوقُ

  أي: ما تعلم، وقال آخر:

  تَحُفُّ بِهِمْ بِيْضُ الوُجُوهِ وعُصْبَةٌ ... كَرَاسِيُّ بالأحداثِ حيَن تَنوبُ

  أي: علماء.

  وقال الآخرون: بل هو دون العرش قِبَلةٌ أيضاً، ذَكَرَه شيخنا | في السمط، قال: وكلامُ أمير المؤمنين يقضي بأَن العرشَ والكرسيَّ حقيقةٌ، والله أعلم. ولم يحك الخلاف في الأساس وشرحه إلا للمهدي # والحشوية في العرش والكرسي معاً، وأطلق الرواية عن جمهور أئمتنا $ أنَّهما مجاز.

  قلت: ولاختلاف الأئمة $ في العرش والكرسي كما مر لم يَصرِ القولُ فيهما قطعيّ الدلالة؛ فلحقت المسألة بالظنيات، غير أنه لا يعمل بالظني إِلا في المسائل العملية، دون العلمية، فإذا انتفى الدليل القاطع فيها لم يجز العمل بالظن؛ لقوله تعالى: {ولا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً}⁣[الإسراء ٣٦]، وحينئذ فيجب الوقف هل العرش والكرسي حقيقة أو مجاز؛ لأن الدليل العقلي إنما دل على بطلان القول بِأنه يجوز عليه تعالى