[الكرسي والعرش وقول العدلية: إن الله لا داخل في العالم ولا خارج]
  الاستقرار في عرش أو كرسي أو على أي مكان، لا على بطلان القول بِخلقهما على الحقيقة قبلةً للملائكة، أو لحكمة خَفيت علينا، أوْ لِأن في خلقهما والعلم بذلك لطفٌ لبعض المكلفين، فالكل لا مانع منه. وقوله تعالى: {وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}[الزمر ٧٥] فَظَاهر الآية يشهد لأهل القول الثاني، وقد جعله الإمام القاسم قدس الله روحه مَجَازاً وتعبيراً عن تعظيم الملائكة $ لله تعالى أبلغَ تعظيم حيث كان المخاطب لا يعرف التعظيم البالغ في الشاهد إلا للملوك عند الحفوف بها وهي على أسرتها. وهذا كما تَرى تأويل خلافِ الظاهر؛ لكن لَمَّا لم يكن في المسألة إجماع على أحد القولين صارت مترددة بين الاحتمالين، ولا مُرَجِّح غير الظنيات من ظواهر الآيات والروايات الآحاديات؛ فلزم الوقف مع القطع بأنه تعالى ليس بذي مكان؛ لإِجماع العترة $ على ذلك، وإجماعهم حجة قطعية كما هو مقرر في موضعه، وسيأتي الاحتجاج عليه إن شاء الله تعالى، وَلِقضاء العقل بذلك، وعدم تجويز المكان عليه تعالى، وهذا هو اللازمُ معرفتُهُ على المكلف، دون العلمِ هل العرش والكرسي حقيقة أم مجاز؟ فَهذا ما ظَهَرَ في المسألة، والله أعلم.
  ثانيها: اللوح، قال القاسم بن إبراهيم وولده محمد والحسين بن القاسم العياني والإمام القاسم صاحب الأساس والإمام الشارح $: هو عبارةٌ عن علمِ الله تعالى ولا لوح حقيقة.
  وقال زيد بن علي والسادة والمتوكل على الله والمنصور بالله والإمام يحيى والمهدي $ وغيرهم والجمهور: بل حقيقة، وجبريل # يأخذ الوحي منه، ولتعليم الملائكة $ ما فيه. واختلفت الرواية عن الهادي #، فحكاه شارح الأساس مع أهل القول الأول، وحكاه شيخنا ¦ ناقلاً عن كتاب الديانة له # مع أهل القول الثاني.