فصل: [معاني بعض الآيات المتشابهة]
  وكناية عن عدم غيبوبته أي شيء عن علمه تعالى كَانَ أَفصح وأبلغَ مما لو حُمِل على اللوح حقيقة؛ لأن تقدير الكلام عَلى الوَجْهِ الأوَّل: لا يعزب عنه مثقال ذرة إِلا في علمه تعالى، فَهو في التأكيد كما يقال: لا ملجأ من الله إلا إليه.
  وعَلى الوَجْهِ الثاني يصير تقدير الكلام: لا يعزب عنه مثقال ذرة إلا في لوح مبين، ولاَ يلْزَمُ من كون الشيء مكتوباً في لوح أو غيره أَنْ يَكوَن معلوماً فضلاً عن التأكيد، وإنما يَلْزَمُ من كونه مكتوباً أَنْ يُحفظَ إلى عند الطلب والاحتياج.
  فإن قيل عليه: إن الكَتْبَ هو لتعليم الملائكة $ لَا لِمَا ذكرتم من الحفظ إلى عند الطلب والاحتياج.
  قيل: هذا الجوابُ غير مستقيم في هذه الآية؛ لخروج الكلام معه من مبحث إلى مبحث غير ما سيق الكلام فيها من أجله، وَهُو الإِخْبار بكمال عالميته تعالى وإحاطته بكل شيء علماً، وذلك مستهجن، وإِنما هذا يصلح رداً على مَن يعترض أَصل المسألة في أنَّ اللوح حقيقة بما ذكر فتأمل، والله أعلم.
  قال |: وروي فيه أنه من زبرجدة خضراء، وأخرج عبد الله بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس ® قال: خلق الله الدواة ثم خلق الألواح فكتب فيها أمر الدنيا حتى تنقضي، ثم قال: {وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}[الأنعام ٥٩].
  قيل: وَهو أَوَل مخلوق. وقيل: أَوَّلُ مخلوقٍ الهواء، روى الهادي # عنه ÷: «أول ما خلق الله الهواء». وقيل: نور نبينا ÷؛ لِمَا أخرج عبد الرزاق عن جابر أنه قال: يا رسول الله، أخبرني عن أي شيء خلقه الله قبل الأشياء؟ قال: «يا جابر، إن الله تعالى خلقَ قبل الأشياء نورَ نبيك من نوره، فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث يشاء، ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم، ولا جنة ولا نار، ولا فلك ولا سماء ولا أرض، ولا شمس ولا قمر» الخبر.