فصل: [معاني بعض الآيات المتشابهة]
  ثالثها: قالت الحشوية: قول العدلية: «إن الله تعالى لا داخل في العالم ولا خارج» نفي له تعالى.
  قلنا: لا نسلم أن ذلك نفي له تعالى، وإنما ذلك نفي لِأن يكون له تعالى جهة داخلة في العالم أو خارجة عنه؛ لأنه تعالى ليس بمتحيز ولا حال في متحيز كما مر، ومَا كان كذلك استحال أن يحصل في جهة؛ ولأن الدخولَ والخروج صفة الجسم.
  ونَفيٌّ لِأن يكون تعالى من جنس العالم، قَالَ إمام العارفين ~: (ليس في الأشياء بِوالج، ولا هو عنها بخارج). وقال #: (لم يحلل في الأشياء فَيقال: هو فيها كائن، ولم ينأ عنها فيقال: هو عنها مباين). وقال #: (مع كل شيء لا بمقارنة، وغَيْرٌ لكل شيء لا بمزايلة).
  على أَنَّه يقال: قد ثَبتَ بالأدلة القاطعة أَنّ العَالَم مُحدَث وأنَّ الله تعالى قديم، فقبل أن يخلقَ العالم لا يتصف ø بالدخول في العالم ولا بالخروج عنه، ولا بُدَّ لهم من الإقرار بهذا وإِلَّا كفروا أو كابروا، فيقال: فكما لا يكون ذلك نفياً له قبل وجود العالَم لا يكون ذلك نفياً له تعالى بعد وجود العالَم، وهذا واضح، وبالله التوفيق.