[فصل] في الكلام في أن الله سبحانه وتعالى لا تجوز عليه الرؤية بحال من الأحوال
  عُلم أن إِذا انتفى الكيفُ انتفت الرؤيةُ، أشار إلى ذلك # بقوله: (بل فيه) أي: في القول بنفي الكيف (نفي الرؤية) فادعاء الرؤية مع نفيه كإِثبات الفرع مع نفي الأصل المصحح لوجودِه، فيصير كتحيز بلا جسم، وتناسل لذي عقم،
= وأجاب عليه السيد العلامة الهادي بن إبراهيم الوزير $:
ما لقبوا بالعدل إلا أنهم ... جمعوا معانيه وحازوا أحرفه
دانوا به بعقائد مبرورةٍ ... لم تغد في الدين الحنيف محرفه
والله قال مقالةً أخذوا بها ... في نفي رؤيته وفي معنى الصفه
قد قال ليس كمثله شيءٌ وفي ... هذا دليل للعقول المنصفه
دع عنك قول عصابة جبرية ... تركت محجة رشدها متحرفه
ولبعض الجبرية:
المرء ينظر في المنام عجائباً ... لا وجد فيها لعين المعرفه
فالحسن يدرك بالبديهة ظاهراً ... مرئي حق في طريق البلكفه
والعين لليقظان فيها ممكن ... حال المنام ووصف عنه بالصفه
فتسترت عين الحقيقة عنده ... والجهل والتشنيع وصف الموكفه
ولآخر منهم ايضاً:
يا عائباً من جهله للبلكفه ... هي قولكم في الذات دع عنك الصفه
والله ليس كمثله شيءٌ فذا ... هو ما اعترفت به فدع عنك السفه
من لم يقل بمقالنا فيها جرا ... بنصوص وحي الله رأي الفلسفه
وللإمام شرف الدين #:
إثبات ذات ليس يلزم عنده ... إثبات كيف يا قليل المعرفه
وتكيف المرئي أمر لازم ... فتميز القول الصحيح من السفه
والوحي فهو لنا عليكم حاكم ... مما ذكرت ولن ولا والقفقفه
قوله: «ولن ولا والقفقفه» إشارة إلى أدلة سمعية على نفي الرؤية، أما «لن» فإشارة إلى قوله تعالى: {لَنْ تَرَانِي}، وأما «لا» فإلى قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}، وأما القفقفة فإلى ما ورد عن عائشة حين سأل: هل رأى محمد ربه؟ فقالت: يا هذا، لقد قُفَّ شعري مما قلت، ثلاثاً من زعم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم الفرية. انتهى.
قال في حامية الإتقان في علم القرآن للشيخ عبد الرحمن السيوطي: والثلاث من حدثك أن محمداً رأى ربه فقد كذب، وتلت: {لَا تُدْرِكُهُ} الخ، ومن حدثك أن محمداً كتم شيئاً فقد كذب، وتلت: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَاتِهِ}، ومن حدثك أن الميت يعذب بأهله فقد كذب، وتلت: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} الخ.