[فصل] في الكلام في أن الله سبحانه وتعالى لا تجوز عليه الرؤية بحال من الأحوال
  وذلك ضرب من الهذيان، وشطر من البهتان، وفي معنى ما ذكره المؤلف # قولُ السيد الهادي # في منظومته الميمية للخلاصة حيث يقول:
  وإنْ يقولوا بلا كيفٍ فقد رَجَعوا ... إلى مَقالتِنا يا مَرْحَبَاً بهمُ
  ومن ثَمَّ قال الرازي فيما حكاه عنه الإمام القاسم # في الأساس: إن معناه معرفةٌ ضرورية وعِلمٌ يقيني بحيث لا ينتفي عن النفس بشك ولا شبهة.
  قال #: قلت وبالله التوفيق: فالخلافُ حينئذٍ لفظي. وكذلك في رَدّه # على ضرار أنه إن أراد بالحاسة السادسة ما قاله الرازي فالخلاف لفظي أيضاً. وهذا الذي قاله الرازي وُجْهٌ وَجِيه، ولكن نصوص الأشاعرة وعبارَاتهم واستدلالاتهم لا تُساعده، فإنه لَو كان الأمر كما ذَكَرَ لَما اختص بالرؤية المؤمن دون الكافر؛ لأن الكافر يعلمه سبحانه وتعالى في الآخرة علماً ضرورياً بلا خلاف، وأيضاً فَمِمَّا استدل به المخالفون على إثبات الرؤية وأنها ثوابٌ مَا يروونه أنه ÷ سئل عن رؤية العباد ربهم يوم القيامة فقال: «منهم من ينظر إلى ربه في السنة مرة، ومنهم من ينظر إلى ربه في الشهر مرة، ومنهم من ينظر إلى ربه في الجمعة مرة، ومنهم من ينظر إلى ربه بكرة وعشياً». ذكره في شرح شواهد الكشاف.
  وهذا الدليل الذي ذكره المؤلف # هو أحد الأدلة العقلية، قال شيخنا ¦: وهو المسمى دليل المقابلة عند الأصحاب.
  قلت: وفي جعله إياه نظر، فَإِنَّ الأظهَر أن دليل المقابلة غير هذا الدليل، وتحرير دليل المقابلة مبني على أصلين:
  أحدهما: أن الأبصار لا تَرى إلا ما كان مقابلاً كالجسم، أو حالاًّ في المقابل كاللون، أو في حكم المقابل كالوجه في المِرآة، فإنه ليس مقابلاً ولا حالاًّ في المقابل ولا في حكم المقابل.
  وثانيهما: أن الله تعالى لا يصح أن يكون مقابلاً ولا حالاًّ في المقابل ولا في