دليل الموانع:
  حكم المقابل؛ لأن ذلك كله جسم أو عرض، وقد مَرَّ أنه تعالى ليس بجسم ولا عرض، فلا تصح رؤيته بحال.
دليل الموانع:
  دليل آخر: وهو المسمى في لسان الأصحاب بدليل الموانع، وَرَجحه على الدليل السابق السّيدُ مانكديم والمهدي @ وأبو هاشم وغيرهم، ورجح أبو طالب # وحكاه عن شيخه أبي عبد الله الدليل السابق، وهو قول أبي علي، واختلفت الروايات عن المؤيد بالله، فإحدى روايتي شيخنا وابن حابس عنه أنه يُرَجِّح دَلِيل المقابلة، وبه استدل غالب الأئمة كالقاسم والهادي @ وغيرهما، وإِحدى روايتي شيخنا عن المؤيد بالله ترجيح دليل الموانع. وقال القاضي وغيره: هما مستويان في إفادة المطلوب.
  قلت: دليل المقابلة يُرَجَّح على دليل الموانع بقرب تركيبه، وعدم توقفه على اجتماع شروط اعْتُبِرت في دليل الموانع، وإفادته المطلوب من حيث اللفظ، بخلاف دليل الموانع فإنما يتناول المراد من محل النزاع - وهو انتفاء الرؤية في الآخرة - من حيث القياس على انتفائها الآن. وتحرير دليل الموانع مبني على أَصْلَين:
  أحدهما: لو كان الباري تعالى يُرى في حال من الأحوال لرأيناه الآن.
  الثاني: أنَّا لا نراه الآن.
  أما الأصل الأول - وهو أنه لو رُئي في حال من الأحوال [لرأيناه الآن] - فتصحيحه مبني على ثلاثة شروط قد حصلت، وهي: أن الحواس سلمية، والموانع مرتفعة، والباري موجودٌ. أمَّا أن الحواس سليمة فَمعلوم أن أحدنا على الصفة التي معها يرى المرئيات، وهي سلامة حاسة البصر، وأما أن الموانع مرتفعة فَلأن الموانع ثمانيةٌ يجمعها قول الإمام المهدي #:
  حجابٌ وبُعدٌ رِقَّةٌ ولَطَافَةٌ ... وفقدُ محاذاتٍ حلول ببعضِها
  وسابِعُها قُربٌ كمِيلٍ بِمُقْلَةٍ ... وفقدُ الضياءِ كالليلِ فاعْنَ بِحفظِها