الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

دليل الموانع:

صفحة 267 - الجزء 1

  وهي الحجاب الكثيف، والقرب المفرط كالميل في العين، والبعد المفرط، وكون المرئي لطيف الجسم كالجوهر الفرد، أو رقيقه كالملائكة $، وكونه غير مقابل للرائي، وكونه حالاً في أحد هذه المذكورة كاللون فيما قرب أو بعد أو نحوهما، والثَّامن فقد الضياء المناسب للعين كالظلمة. والذي يدل على ارتفاعها أَنَّها لا تصح إِلا في الأجسام، والله تعالى ليس بجسم. وأما أن الباري موجود فَمعلوم.

  فكملت الثلاثة الشروط، وبكمالها صح الأصل الأول.

  وأمَّا الأصل الثاني - وهو أنا لا نراه الآن - فذلك معلوم ولا منازع فيه، فثبت أنه تعالى لا يُرى في الآخرة لعدم رؤيته الآن.

  فهذا دليل الموانع وقد رأيت أنَّ من أحد مبانيه كون عدم المقابلة أحد الموانع، فكان دليل المقابلة أَرجح؛ لاستغنائه عن دليل الموانع ولا عكس، فتأمل، والله أعلم.

  (وقد قال تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ) وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}⁣[الأنعام ١٠٣].

  اعلم أولاً أنه يصح الاستدلال على هذه المسألةِ بالسمع اتفاقاً؛ لأنه لا يتوقف صحته على العلم بها، بل على العلم بكونه عالماً بجميع المعلومات وغنياً عن كل شيء؛ ليدخل تحته علمه بقبح الكذب وغناه عن فعله، فأما توقف صحته على كونِه غيرَ مرئي فَلا وجه له، فتأمل، والله أعلم.

  وَوَجْهُ الاستدلال بالآية المذكورة من وجهين:

  الوجه الأول: ما ذكره # بِقوله: (فَنفى) بذلك أَنْ تدركه الأبصار (نفياً عامًّا لجميع المكلفين ولـ) جميع (أوقات الدنيا والآخرة) فاقتضى ذلك العمومُ والشمولُ لِجميع الأفراد في الطرفين: الأشخاصَ والأوقاتَ؛ مِن حيث إنَّ حرفَ النفي إِذا دخل على الفعل المضارع نَفَاه على سبيل الإطلاق، مِن دون تقييد