[فصل] في الكلام في أن الله سبحانه وتعالى لا تجوز عليه الرؤية بحال من الأحوال
  بوقت دون وقت، وكذلك آلة التعريف إِذا دخلتْ على اسمِ الجمع أَفادتْ العمومَ لجميع أفراده، وهذا لا ينكره الخصوم، ولكنهم أرادوا أن يتخلصوا عن هذا بما ليس بمخلص فقالوا: إنه وإِنْ كان عاماً فَقد خصص بأدلة أُخر دَلّت على أنه تعالى يَراه المؤمنون في الآخرة ثواباً لهم. قالوا: وكل عام إذا وَردَ ما يخصصه وَجبَ العمل بالخاص فيما تناوله وبالعام فيما بقي بلا خلاف.
  والجواب: أنَّا وإنْ سلمنا هذه القاعدة فَلا نُسلمُ وُرُودَ ما فيه تخصيص العموم المذكور في الآية الكريمة؛ لأنَّ ما تمسكوا به أحاديث آحاد منازع في صحتها، ومحتملة للتأويل، ومعارضة بما هو أقوى منها وأصح إسناداً، كما سيأتي بعض من ذلك، وكذلك مَا تمسكوا به مِن قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ٢٢ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣}[القيامة] إِنَمَّا هُو مجردُ ظَاهرٍ لا يفيد العلم؛ لاحتماله التأويل المطابق للآية المحكمة التي لا يجوز تركها والتمسك بالمتشابه، فَبقيت الآية على عمومها مِن نفي الرؤية لِجميع المكلفين ولِأوقات الدنيا والآخرة.
  فإن قيل عليه: إِنه استدلال بالعموم، ودلالة العموم ظنية كما هو مُقَرَّرٌ في موضعه من أصول الفقه.
  فالجوابُ: أنَّا وإنْ سلّمنا هذه القاعدة فَلا نُسلم أنها مطردةٌ فِي كل عُموم، بل ذلك خاصٌ بالأحكامِ الشرعية والأخبارِ بالمخبرات عن الحوادث والتاريخ المتعلقة بمفرداتٍ يمكنُ اختلافُها في تعلقِ المصالح بها، وَفِي الصدقِ والكذب بنسبة تلك الحوادث إلى بعض دون بعض، فأمَّا ما يتعلق بالمعارف الإلهية والمسائل الدينية كالنبوة ونحوها فَلا يسلم أَنَّ دلالةَ العموم فيه ظنية، بل قطعيةٌ تتناول كل فرد من أفراد ذلك العموم قطعاً كقولنا: لا إله إلا الله {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}[البقرة ٢٥٥]، {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}[الكهف ٤٩]، وقوله ÷: «لا نبي بعدي»، ومِن ثمَّ نَصَّ أئمة الأصول أنَّ دلالةَ العموم ظنيةٌ إلا في