الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل] في الكلام في أن الله سبحانه وتعالى لا تجوز عليه الرؤية بحال من الأحوال

صفحة 284 - الجزء 1

  التلبيس، ولكنه سها فخلط القصتين.

  قال: وَأوردَ مضمون ما قالوا الأميرُ الحسين # في الينابيع، وأفاد في الجواب، ومعناه: قالوا: القصة الأولى حين ذهب للمناجاة، والصاعقة حين ذهب للألواح، وأجاب ما معناه: أنَّا لا نسلم؛ لأن بعد سؤال الرؤية قال تعالى: {ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ}⁣[النساء ١٥٣]، فلو كانت الصاعقة بعد اتخاذ العجل ما قَدَّم الآيةَ عليها⁣(⁣١)، قال: قال الديلمي # في تفسير {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ}⁣[الأعراف ١٥٥]: هو الميقات الأول الخ ما ذكره ¦.

  قلت: يفهم من هذا الكلام جميعه أن السؤالَ على كلام الأمير # لم يكن إِلا مَرَّة واحدةً، وأنها قصةٌ واحدة، وعلى كلام الإمام الناصر أبي الفتح الديلمي # في تفسيره المعروف بالبرهان في تفسير القرآن، وصرح به المقبلي في الإتحاف أنها قصتان، فأما تكرر السؤال ووقوعه فيهما معاً فلا مَأخَذَ فيما حكاه عنهما لَهُ⁣(⁣٢)، فَلْتُتَأمل المسألةُ لتكمل الإفادة ويتضح الحق لطالب الإجادة،


(١) كذا في الأم وظاهر العبارة: ما قدمت في الآية عليه والله أعلم، ومبنى كلام الأمير # في هذا أن الصاعقة كانت قبل اتخاذ العجل عند السؤال للرؤية المذكور أولاً؛ لأنه عطف بـ «ثم» المفيدة للترتيب، أي: بمهملة، ولو كانت متأخرة عن السؤال أولاً لأخرت عن ذكر اتخاذ العجل ولذكرت بعده حتى يعلم أنهما قصتان كما قالوا. ويمكن أن يستدرك عليه بأن يقال: إنه لا يلزم من تأخر الصاعقة عن السؤال الأول أن يتأخر وقوعها إلى بعد اتخاذ العجل ولا تأخر ذكرها عن ذكره حتى يرد ما قاله #؛ إذ من الجائز أن السؤال أولاً كان لنفسه كما هو قول الخصم، أو عن قومه كما هو قول أصحابنا، ولم يكن هناك صاعقة، ثم لَمَّا قالوا: أرنا الله جهرة أخذتهم، الصاعقة، وذلك في القصة الثانية، ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات، فلا يلزم ما ذكره، سيما وعطف اتخاذ العجل وقع بـ «ثم» المفيدة للتراخي. ويمكن الجواب على هذا الاستدلال بأنه لا يجدي نفعاً على قولنا: إن سؤال موسى كان لقومه مع تقدير تأخر قولهم: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة وأخذهم بالصاعقة إلى المرة الثانية؛ إذ يلزم أن موسى سأل الرؤية لا لنفسه، ولا عن قومه لتأخر طلبهم، فيصير عبثاً بل يصير حجة للخصم بأن يقول: الطلب هو لنفسه لئلا يلزمكم العبث، فيجاب بمنع التأخر، وعدم التسليم بأنهما قصتان، وغايته بطلان الاحتجاج المذكور، ولا يلزم منه بطلان الاستدلال، فتأمل والله أعلم. (من خطه |).

(٢) أي: لتكرر السؤال ووقوعه فيهما معًا.