[فصل] في الكلام في أن الله سبحانه وتعالى لا تجوز عليه الرؤية بحال من الأحوال
  قومه؛ لئلا يشاركهم في تلك المعصية، وأَنْ يكونَ تَكَرّر منه السؤالُ؛ لاستلزام العبث والتعنت منه # إن أجيب عليه عند السؤال الأول، أو ترك البيان عند الحاجة واطراح منزلته بعدم إجابة سؤاله إن لم يجب عليه إلا عند السؤال الثاني.
  قالوا: لَو كان السؤال لقومه لَما خر صعقاً، ما ذاك إلا أنه لنفسه؟
  قلنا: ولَو كانت الرؤيةُ جائزةً عليه تعالى لَما خر صعقاً؛ إذ لا ذنب لمن طلب ما هو جائز.
  قالوا: إنما كان ذلك به لطلبها في الدنيا، وهي جائزة في نفسها، وإنما محلها الآخرة.
  قلنا: فَيلزم أنه # إِما جاهل لِعدم جوازها في الدنيا فَفي ذلك نسبة الجهل إليه، أو عالم فَفي ذلك نسبة التجاري إليه، والكل لا يجوز.
  قالوا: لَو كان السؤال لقومه لَما صَحَّت منه التوبة، ما ذاك إلا أنه لنفسه حين لا تجوز.
  قلنا: ولو كان لنفسه مع أنها جائزة ما صحت منه التوبة، فما أجابوا به فَهو جوابنا. وقولهم: «ما ذاك إِلا أنه لنفسه حين لا تجوز» يَلزم تجهيلُه أو نسبة التجاري إليه.
  والتحقيقُ: أنه # لَمَّا أكثر قومه السؤال وعلقوا إيمانهم على الرؤية استعجلَ في الرد عليهم قبل المؤاذنة، فكانت منه خطيئة كما يصدر من سائر الأنبياء $ نحوها من الصغائر (فَلمَّا لم يقع منه # خطيئة إلا سؤاله لهم الرؤية من دون) تقدم استئذان ولا انتظار وحي يقع معه (إذن) من الله أو مَنْع اعْتَذَر # بالتوبة و (قال لربه ø): {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ (أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا)}، وفي آية {أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}[الأعراف ١٧٣].
  وَأَمَّا السنة: فأخرج أَبُو القاسم الكعبي في السنة، وابن ناجية الأصفهاني عن