الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل] في الكلام أن الله واحد وأنه لا إله إلا هو سبحانه وتعالى

صفحة 304 - الجزء 1

  واحداً، فلا يكون إنسانين فأكثر باعتبار تلك المعاني القائمة فيه، فأمَّا كونُه صار في ذاته باعتبارها غير متحد الأوصاف والماهيات التي قامت به فليس بمتحدٍ، بل متعدد الأوصاف والأجزاء، فهو بمنزلة أن لا يكون الباري تعالى إِلهين اثنين فأكثر بل إله واحد، ولكنه في ذاته متعدد الأوصاف والماهيات القائمة به تعالى، فلا يكون في ذاته واحداً من هذه الحيثية؛ فينتقض التوحيدُ حينئذ، سيما وقد صار اسم التوحيد أعم من نفي إثبات إله ثان معه تعالى ونفي أن يتصف سبحانه بشيء من صفات المحدثات؛ لذلك لا نُسَمِّي المشبه مُوحداً وإن جعلَه واحداً ونفى إلهاً ثانياً معه.

  وإِما أنْ تجعل هذه المعاني مستقلةً بنفسها ليست قائمةً بذاته تعالى كانت منه بمنزلة الأجنبي، فإن وصفت بقدم كانت آلهةً غيره تعالى، وإن وصفت بحدوث كانت لا ثمرةَ في القول بها، ولا قائل بذلك، فتأمل.

  واعلم أن الكلام في هذا الفصل في طرفين: أحدهما: في أنه تعالى واحد. وثانيهما: في نفي إله ثان معه تعالى.

  أمَّا الطرف الأول فَقد مَرَّ تحقيقه فيما ذكر آنفاً.

  وأمَّا الطرف الثاني فسيأتي تحقيقه وتقريره.

  قَال أبو هاشم: والكلام في نفي إِله ثانٍ علم لا معلوم له، وكذلك العلم بنفي الحاجة والرؤية وتشبيهه تعالى.

  قال الإِمام المهدي #: وهو الحق، وإِلاَّ لَزِم فيمن عَلم ذاته تعالى أن يعلمَ نفي الثاني.

  وقال أبو علي: بل العلم بذلك علم بذاته تعالى، بمعنى أن معلوم هذا العلم هو الذات المقدسة على نفي المشَابهة ونفي الثاني له تعالى.

  قلت: هذا هو الأظهر، وما أبعد علم لا معلوم له، فإن مما كاد يلحق بالضروريات استحالةُ وجود علم لا متعلق له، ولعل حجة أبي هاشم أنا لو