الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل] في الكلام أن الله واحد وأنه لا إله إلا هو سبحانه وتعالى

صفحة 318 - الجزء 1

  الله تعالى، وأما من جهة اللفظ فلأنه تعالى قال لرسوله ÷: {قُلْ} وقال: {شُرَكَاءَكُمْ الَّذِينَ تَدْعُونَ}، وقال: {أَرُونِي}، وقال: {خَلَقُوا}، يعني: لو كانوا آلهة، وقال: {ائْتُونِي}، وقال: {بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا} فأسند جميع هذه الأفعال إلى غيره تعالى، حيث أسند بعضها إلى الرسول ÷ وبعضها إلى المشركين، وسماهم ظالمين، وسمى مواعيدهم غرورا، ولو كانت من الله لما كانت غرورا؛ لأن وعده الحق، وهكذا دلالة سائر آي القرآن الكريم على العدل، حتى قال القرشي ¦: إِنَّ مَا من آية من فاتحة الكتاب إلى خاتمته إِلا وفيها دلالة على العدل وبطلان الجبر.

  قال #: (فبيَّن) سبحانه وتعالى بالآيات المذكورات وغيرها من الآيات الدالة على التوحيد (أَنَّ هذا الخلق يشهد بإله واحد) وهو الله تعالى لا غيره (وأنه ليس هناك) أي: في السماوات والأرضين وما بينهما من أصناف العالم، فليس فيه (خلق ثانٍ يشهد بإله ثانٍ، وهذا واضح، فإن هذا العالَم) وهو اسم شَامل لكل ما عدا الله سبحانه وتعالى من السماوات والأرضين وما بينهما مِن جميع المخلوقات الجن والإنس والملائكة وجميع الحيوانات والنبات وكل شيء سِوى الله تعالى (دليل على إله واحد) لا شريك له (وهو الذي أرسل الرسل، وأوضح السُّبُل)

  وقد أشار # إلى دليل يذكر في المسألة غير دليل التمانع المذكور، وتحريره أن يقال: لو كان ثمَّ إله آخر مع الله تعالى لَوجب أن يدل على نفسه، ولرأينا فعله متميزاً عن فعل غيره، ومعلوم أنه لم يقع ذلك، فلما لم يقع دل على عدمه، وقد تضمن هذا الدليل قول أمير المؤمنين وإمام المتكلمين قوله مخاطباً لولده الحسن @: واعلم يا بني أنه لو كان لربك ثان لأتتك رسله، ولرأيت آثار صنعه وملكه وسلطانه، ولكنه إِله واحد لا شريك له، أو كما قال ~.

  دليلٌ آخر ذكره الحسين بن القاسم @، حكاه عنه شيخنا صفي الإسلام ¦، وهو أنه لو كان مع الله تعالى إله ثان لم يخل: إِمَّا أن يكونا مجتمعين أو