الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

تتمة لباب التوحيد

صفحة 328 - الجزء 1

  عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ٣٦}⁣[الإسراء]، ولا يُسَلّمُ إطلاقُ الرواية عن الزيدية بالأول، ومَا ذُكرَ في الاحتجاج له ممنوع بِأنا إن قدرنا زيادة تعود على ما مر بالنقض فَمعلومُ البطلان، وإن قدرنا زيادة لا تعود عليه بالنقض فلا سبيل إلى انتفائها كما يقوله أهل القول الأول، ولا إلى ثبوتها كما يقوله أهل القول الثاني، فلا يُسلم أنه قولُ علي # والأئمة من أولاده؛ لأن مَن تتبع كلام أمير المؤمنين وتأمله عَلمَ أن لا مأخذ فيه لِأي القولين، سيما والمسألة تحتاج إلى قاطع؛ لقوله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}.

  إِذا عرفت ذلك فَينبغي لِلعاقل بل يجب عليه أَنْ يردعَ نفسه عن الوسواس والتفكر في ذات الله تعالى؛ لأنه خوض فيما لا يوقف له على حقيقة، ولا طريق إلى العلم فيه بصحة، بل لا يُؤمنُ معه الخروجُ من التوحيد إلى التحديد، ومن الإيمان والانقياد إلى الطغيان والإلحاد.

  عنه ÷: «تفكروا في الخلق ولا تتفكروا في الخالق»، أخرجه الإِمام محمد بن القاسم والدَّارمي.

  وأخرج أحمد عن عائشة مرفوعاً: «إن أحدكم يأتيه الشيطان فيقول: مَن خلقك؟ فيقول: الله. فيقول من خلق الله؟ فإذا وجد ذلك أحدكُم فليقل: آمنت بالله ورسوله، فإنه يذهب عنه».

  وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة مرفوعاً: «لا يزال الناس يَتَساءَلون حتى يقال: هذا خلق الله فَمَنْ خلق الله؟ فمَنْ وجد شيئاً مِن ذلك فليقل: آمنت بالله وبرسوله».

  وعنه ÷: «تفكروا في آلاء الله ولا تتفكروا في الله».

  وقال أمير المؤمنين #: (مَنْ تفكر في خَلقِ الله وَحَّد، ومَنْ تَفكَّر في الله أَلْحَد)، وعنه #: (العقل آلة أُعطيناها لاستعمال العبودية لا لإدراك الربوبية، فمَن استعملها في إدراك الربوبية فَاتته العبودية ولم ينل الربوبية).

  وقال #: (لا تُدْرِكه الأوهام، بل تجلى بها لها، وبها امتنع منها، وإليها حَاكمها).