تتمة لباب التوحيد
  فَلَحَا الله الأُلَى زَعموا ... أَنَّك المَعْلُومُ بالنظرِ
  كَذَبوا إِنَّ الذي زَعَموا ... خَارِجٌ عن قُوةِ البَشَر
  وقال:
  واللهِ مَا مُوْسَى وَلاَ ... عِيْسَى المسيحُ ولا محمدْ
  كَلاَّ ولا جبريلُ وهـ ... ـو إلى مَحَلِّ القُدسِ يصعدْ
  كلا ولا النفسُ البسيطُ ... لا ولا العقلُ المجردْ
  من كُنْهِ ذاتِك غيرَ أَنَّكَ ... أَوْحَدِي الذاتِ سَرْمَدْ
  وجِدوا إضافاتٍ ونفياً ... والحقيقةُ(١) ليس تُوْجَدْ
  ورأوا وُجُوْداً واجباً ... يَفْنَى الزمانُ وليس يَنْفَدْ
  وللحقير غفر الله زلته وتجاوز عنه فِي معنى ذلك من القصيدة التي مَرَّ ذكرها في فصل إثبات الصانع سبحانه وتعالى قولُه:
  تَحَيَّرَ أهلُ النُّهَى فَانْتَهَى ... ذَكَاهُمْ عن الكُنْهِ أعمى أَصَمْ
  ولم يُدركوا غَيرَ أنَّ الذي ... له الخلقَ مولاهُمُ المعتصَمْ
  هو القادرُ العالمُ الحيُّ مُحيي ... الخلق بعد الفَنَا والعَدَمْ
  سميعٌ بصيرٌ خبيرٌ بهم ... مُدَبِّرهُمُ في الحَشَا والظُلَمْ
  انتهى الكلام في التوحيد، ويتلوه الكلام في العدل وما يتصل به من المسائل المتعلقة بما يفعله الله من المصالح والابتلاء ونحو ذلك، وحيث إن العدلَ هو الركن الثاني مما يجب من معرفة الله تعالى، وهو يشتمل على مسائل عديدة وأبحاث مفيدة - حسن أن نفردَ له باباً مستقلاً جرياً على قواعد الأصحاب في إفراده عن مسائل التوحيد، ويضعون لكل منهما باباً، بل كتاباً مستقلاً كما في المطولات، وقد ذُكِرَت مسائلُ التوحيد فيما مَرَّ فصولاً مستقلة وأبحاثاً متصلة حتى صارت كلها كالباب الواحد، فنقول حينئذ:
(١) قال في هامش الأم: يعني ليس توجد عندهم المعرفة بكنهها كما يظهر من البيت الذي بعده: ورأوا وجوداً واجباً. (منه ¦).