الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

الفرق بين العدل والتوحيد

صفحة 331 - الجزء 1

الباب الثاني: في العدل وما يتصل به

  اعلم أن العدل من أسماء الأضداد يقال: عَدَلَ، أي: أنصف وأحسن، ومنه قوله تعالى: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ}⁣[الأعراف ١٨١]، ويقال: عَدَلَ، أي: جار ومال عن الحق، ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}⁣[الأنعام ١]، وهو مصدر عَدَلَ يَعْدِلُ، وتارة يوصف به الفعل، تقول هذا فعل عَدْلٍ، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ}⁣[النمل ٩٠]، وتارة يوصف به الفاعل، تقول: زيدٌ عَدْلٌ مبالغة في وصفه بالعدالة، كرجل صَوْم ونَوْم، ونحو ذلك.

  فحقيقته في الفاعل: هو الذي لا يفعل القبيح ولا يخل بما يجب من جهة الحكمة وأفعاله كلها حسنة. وقيل: هو المُوَفِّر حق الغير والمستوفي الحق منه والتارك ما لا يستحق مع القدرة.

  وهما متقاربان ولا فرق بينهما في المعنى.

  وحقيقته في الفعل: هو توفير حق الغير، واستيفاء الحق منه، وترك ما لا يستحق مع القدرة.

  وقد عرفت بما ذكر من حد العدل أنه كلام يرجع إلى أفعال الله تعالى، يعني فيما يجوز أن يفعله لعدم منافاته العدل، وما لا يجوز لمنافاته العدل، وما يجب أن يفعله لأن الإخلال به مناف للعدل.

الفرق بين العدل والتوحيد

  فالفرق بين العدل والتوحيد أن التوحيد فيما يجب لذاته تعالى من إثباتها، وإثبات الصفات الواجبة له، ونفي الصفات التي لا تجوز عليه، والعدل: فيما يرجع إلى أفعاله لا إلى ذاته. وقد أشار أمير المؤمنين # إلى الفرق بينهما وبيان كل منهما بأقربِ عبارة، وأوضح إشارة لَمَّا سُئل عن العدل والتوحيد، فقال #: (العدل ألا تتهمه، والتوحيد ألا تتوهمه)؛ لأن الاتهام يتعلق