الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في الكلام في أن أفعال العباد منهم لا من الله تعالى

صفحة 371 - الجزء 1

  والداعي والكراهة والصارف في الأفعال، وعدمه في الصور والألوان، والحكم وهو أنه يثبت للأفعال نقيض ما ثبت للصور والألوان، وقد ثبت أن الصور والألوان ليست من فعلنا؛ لعدم توقفها على ما ذكر، فيجب أن تكون الأفعال من لدينا؛ لتوقفها على ما ذكر، ويقال فيه بالقياس الاستثنائي على قواعد المَنَاطِقَة كما قيل في الذي قبله: لو كانت أفعال العباد من الله تعالى لما توقفت على حسب قصدنا ودواعينا وصوارفنا وكراهتنا، لكنها توقفت على ذلك فلم تكن من الله أو لكنها ليست من الله، فتوقفت على ذلك، فالاستثنائية في الأول والنتيجة في الثاني مجمع عليهما، وهو التوقف على القصد والكراهة، فيجب أن تكون النتيجة من الأول وتكون الاستثنائية في الثاني صحيحتان، وهو أنها ليست من الله تعالى. وهذان الاعتباران المبني عليهما تصحيح مذهبنا كما ترى.

  وإن قلت كما هو مقتضى مذهب الجبر في الاستثناء: لكن ليست واقفة على قصدنا ودواعينا وصوارفنا وكراهتنا فهي من الله تعالى، أو لكنها من الله فلم تكن واقفة على ذلك. فهذان الاعتباران وإن كان ناتجهما أنها من الله تعالى لكنهما فاسدان؛ لأن الأول مبني على إنكار الضرورة، والثاني نتيجته معلومة البطلان ضرورة، وهو عدم توقفها على قصدنا وكراهتنا، وذلك واضح كما ترى؛ فثبت بهذا الدليل أن أفعالنا منا لا من الله تعالى، كما ثبت بالدليل الذي قبله.

  دليل ثالث وضعي: وهو أنه أجمع أهل اللغة أنه يُشْتَقُّ ويُوْضَعُ لكل من فعل فعلاً اسْمُ فاعل من فعله، فالثلاثي على وزن فاعل، وما عداه على وزن مضارعه بميم مضمومة من أوله على حذف حرف المضارعة ووضع الميم بمحله، فيقال: ضارب لمن فعل الضرب، وقاتل وسارق وزان وكافر وكاذب وفاسق لمن فعل الأفعال المشتق هذه الأسماء منها، ومكذب ومستهزئ ومكتسب ومستربح ونحو ذلك، فلو كان الله تعالى هو فاعل معاني ما اشتقت منه هذه الأسماء للحقته هذه الأسماء، تعالى الله عن ذلك وتقدس وله الأسماء الحسنى، فإذا كان مذهب الخصم