[فصل]: في الكلام في أن الله ø لا يعذب أحدا إلا بذنبه ولا يثيبه إلا بعمله
  المذهب الباطل والاعتقاد العاطل؛ إذ لا وثوق بالسمع بناءً عليه؛ لأنه تعالى غير منهي عن الكذب ولا عن إرسال من يكذب في خبره، ولأن ما تمسكوا به من جملة المتشابه، وهو عندهم لا يعلم تأويله إلا الله، وأيضاً لا دلالة فيما ذكروه على المدعى؛ لأن قوله تعالى: {وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} يريد به مما لهم فيه التسبيب بِسَنِّ البدعة، كما قال ÷: «من سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها»، وقوله تعالى: {لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} المراد به: التحريض على النهي عن المنكر، والتحذير عن ترك النهي عنه؛ لأنه إذا ترك العالم بالمنكر النهي عنه مع القدرة صار عاصياً في نفسه، فإذا نزلت العقوبة على ذلك المنكر لم تخص فاعله، بل تعم الفاعل وتارك الإنكار عليه. وأما قوله تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} فالجلد المبدل به لا يصح تعذيبه على انفراده، وإنما التعذيب على جملة الحي الذي هو العاصي. وأما الحديث فليس فيه التصريح بأن المعذبين من أولادها & من غيره ÷ أنهم كانوا أطفالاً؛ وإنما ذلك مصرح به عند سؤالها عما ولدت منه ÷، حيث قالت: أين أطفالي منك؟ ثم قالت: فمن غيرك؟ ومن الجائز أن التقدير فأولادي من غيرك، وقد علم ÷ أنهم ماتوا بَالِغِين على الكفر، فأجاب على مقتضاه(١) أنهم في النار، فلا حجة فيه، وإنما كان تتم للخصم حجته - إن سلمنا صحة الحديث وبلغ حد التواتر، وسلم عن المعارض من عقل أو نقل - لو قالت: فأطفالي من غيرك؟ على أنها لو قالت كذلك لم يكن ثمة مانع من تأويله بأن أطلقت عليهم اسم الأطفال تجوزا، مشاكلة أو باسم ما كانوا عليه، وذلك شائع في كلام العرب، كقوله:
  ويُسْرِعُ بالفواحشِ كُلُّ طِفْلٍ ... يَجُرُّ المُخْزِيَاتِ ولا يُبَالِي
(١) في (ب): على مقتضى.